دروس القضية الحسينية
183 subscribers
23 photos
1 file
10 links
Download Telegram
البيان الجلي في قضية الحسين بن علي (ع)...

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الخلق محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين الغر المحجلين واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين ....

أما بعد
ان الإمام الحسين (ع) صنع في نفوسنا شعلة من الثورة على الظلم والباطل , وأنار لنا دروبا من الظلام بخطواته المقدسة , كل خطوة خطاها سيد الشهداء تركت اثرا في قلب كل مؤمن اتخذ من الإمام الحسين (ع) صراط إلى الفلاح والرضا والعزة والإباء في الدنيا والآخرة .
هذه الشعلة التي تركها أبو عبد الله (ع) فينا رفضت الظلم الذي يمارسه بعض المششكين والطاعنين في قضية الإمام الحسين (ع) , والذين ينتقصون من تلك التضحيات الجليلة , والإيثار البالغ في سبيل الله , والذي يستهزئون بتلك الثورة المقدسة ويبثون أكاذيبهم على الإمام الحسين (ع) في كل مكان اتيحت لهم به الفرصة , في مواقع التواصل في بعض اللقاءات في كتبهم وبحوثهم , في التجمعات العامة , ليشربوا عقول الناس بأن الإمام الحسين (ع) وقضيته ماهي الا قضية دنيوية عادية .فمنهم من قال انه خرج طالبا للدنيا والسلطة والحكم وهذا باطل وبطلانه واضح جدا , فلو كان الإمام الحسين (ع)فعلا خرج لطلب الحكم والسلطة ماقال لأصحابه في أكثر من موقع ان اتركوني وحدي واذهبوا فكيف ينتصر وينال السلطة وهو وحيدا أمام ألوف؟
ثم كيف يبحث عن السلطة والحكم وهو قبل ان يخرج من مكة كان قد نعى نفسه وبين ان في هذه الرحلة هو الموت , وذلك باديا من خلال خطبته في مكة (خط الموت على ولد ادم كالقلادة على جيد الفتاة ) وقوله لبني هاشم ( من لحق بي استشهد ومن تخلف لم يبلغ الفتح ),واكثر من مرة رأى رؤيا تخبره بأنه شهيد في رحلته هذه ومن تلك الرؤيا التي رأها في الثعلبية (القوم يسيرون والمنايا تسير خلفهم) اذا كان يعلم انه ومن معه سيمضون شهداء في سبيل العقيدة .
فلو بقي الإمام الحسين (ع) ساكت لكانت أفعال يزيد من(الزنا والخمر وباقي المنكرات ) سنن الى اليوم تبع كونه أمير المؤمنين عندهم , والناس تقلد أميرها وتتخذه قدوة , ولو كان الإمام الحسين (ع) قد سكت عن ذلك لصار الناس , تتبع يزيد بجميع أفعاله بحجة ان هذا ابن رسول الله (ص) ساكت عن أفعاله وبايعه فمادام بايعه فهذا يعني إضفاء شرعية لجهر يزيد بالمنكرات , فكان لابد من الخروج والنهضة لتنتبه الناس ان يزيد لايصلح للخلافة .
ومنهم من قال انه اخطأ بخروجه وكان يجب عليه ان لايشق عصا المسلمين بخروجه وان خروجه مفسدة عظيمة كما قال ابن تيمية اللعين .

ومنهم من أشكل على القضية والإمام الحسين (ع) بسبب أخذ الإمام للنساء والأطفال , ومنهم من قال لماذا هو خرج والإمام الحسن (ع) لم يخرج, ومنهم من أراد تبرئة يزيد وقال ان يزيد ليس له علاقة بقتل الإمام الحسين (ع) , وهكذا توالت بعض الشبهات المتهالكة والتي لايسألها إلا من على بصيرته رين من رؤية الحق والحقيقة ولاعجب في ذلك , فأعمى البصيرة رأى الإمام الحسين (ع) بعينيه وقاتله ورماه بالسيف والنبال وحز نحره .
حاولنا في هذه السلسلة تسليط الضوء على بعض من تلك الشبهات المهمة والتي دائما ماتتكرر ومناقشتها والوصول الى نتائج مهمة... وتسليط الضوء على أبعاد الثورة الحسينية من ناحية اسبابها ونتائجها و الإصلاح الذي قدمه الامام الحسين ع والآثار التي بقيت لليوم بسبب تضحياته المقدسة ...

اضافة لشبهات اخرى ك لبس السواد.. وإقامة المآتم وكيف ان لها اصلا وادلة وجودها سابقا....
ملاحظة يمكن انضمام لمن هم غير طلاب لاجل الفائدة ماعندنا مشكلة....لكن بالنهاية هي جزء من المعهد
https://t.me/alhoseni313
ملاحظة... الحلقات ليس لها وقت محدود ولاموعد.... كونها مستمرة حتى نهاية شهر محرم..... نحن نضعها وانتم متى مافرغتم يمكنكم رؤيتها والاستماع لها.....
اما باقي الدروس تسير بشكل اعتيادي لاعلاقة لها حسب جدولها الموضوع عدا درس شبهات وردود.....
سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي ع
الحلقة الاولى

خلافة يزيد بن معاوية (لعنهما الله)
❇️❇️❇️❇️❇️❇️❇️❇️❇️❇️❇️
📜لم يكن يزيد مرشحا لنيل الخلافة بعد ابيه , وكثير من الناس والصحابة لم يكونوا يرغبوا فيه  ولاسيما إن الإمام الحسن (ع) قد كتب معاهدة بينه وبين معاوية ان تكون الخلافة من بعده للإمام الحسين (ع)(1)
وكانت بنود المعاهدة كالتالي :

📃 المادة الأولى : تسليم الأمر إلى معاوية على أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله(2) وبسيرة الخلفاء الصالحين (3)

📃 المادة الثانية : أن يكون الأمر للحسن (ع) من بعده وان حدث للحسن (ع) فللحسين (ع) من بعده(4) وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد (5)

📃 المادة الثالثة : أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة وأن لا يذكر علياً (ع) إلاّّ بخير (6) وقال آخرون : أنه أجابه على أن لا يشتم علياً (ع) وهو يسمع ، وقال إبن الأثير : ثم لم يف به أيضاً

📃المادة الرابعة : يسلم ما في بيت مال الكوفة خمسة الآف ألف للحسن (ع) وله خراج دار أبجرد (7) أن يحمل لأخيه الحسين (ع) في كل عام ألفي الف ، ويفضل بني هاشم في العطاء والصلاة على نبي عبد شمس.
  
📃 المادة الخامسة : أن لا يأخذ أحداً من أهل العراق بإحنة ، وأن يؤمن الأسود والأحمر ويحتمل ما يكون من هفوإتهم(8) وعلى أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله في شامهم وعراقهم وتهامهم وحجازهم (9). 

ثم لم يلتزم معاوية بأي من هذه المعاهدة التي وقعها مع الامام الحسن (ع) والتي كان من المفترض أن تكون الخلافة للامام الحسين (ع)
جاء في مقاتل الطالبيين لابو الفرج الاصفهاني :   عن أبي إسحاق قال : سمعت معاوية بالنخيلة يقول : ألا إن كل شئ أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به قال أبو إسحاق  وكان والله غداراً.(10)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)إبن عساكر (تاريخ مدينة دمشق) ج13 ص266-265 ابن قتيبه الدينوري /الإمامة والسياسة /تحقيق  الشيري – ج1 ص184-185
(2)  المدائني فيما رواه عنه إبن أبي الحديد في شرح النهج( 4 / 8 )
(3)فتح الباري فيما رواه إبن عقيل في النصائح الكافية ص 156
(4) فتح الباري فيما رواه إبن عقيل في النصائح الكافية ص 156
(5) المدائني فيما رواه عنه إبن أبي الحديد 4 / 8  والفصول المهمة لإبن الصباغ وغيرهما .
(6) الإصفهاني : مقاتل الطالبيين ص 26 شرح النهج 4 / 15،
(7)  مقاتل الطالبيين / الاصفهاني ص 26 شرح النهج 4 / 15،
(8) الأخبار الطوال ص 218
(9) فتوح إبن الاعثم 4 / 160
(10) مقاتل الطالبيين ابو الفرج الاصفهاني ص45
📚 سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي

الحلقة الثانية
❇️❇️❇️❇️❇️❇️
معاوية يأخذ البيعة ليزيد من البلدان ..

بدأ معاوية بأخذ البيعة والولاية ليزيد من مختلف الامصار والشخصيات بزعم خوف الفتنة من بعده , متناسيا المعاهدة التي خطها مع الامام الحسن ابن علي (ع)
في سنة 51 للهجرة أرسل معاوية إلى البلدان بأن يفد إليه الناس، فكان مماً أتى: وفد أهل الشام الضحاك الفهري- ثور السلمي. - عبد الله الأشعري - عبد الله الفزاري - عبد الرحمن الثقفي. حسان الكلبي.
وفد أهل البصرة : الأحنف بن قيس التميمي. وفد أهل المدينة محمد الأنصاري. واجتمع معاوية بهم واخذ بيعة يزيد منهم . ‏
ولما مرض معاوية عهد إلى ابنه يزيد فقال له‏:‏ يا بني إني قد كفيتك الرحلة والترحال ووطأت لك الأشياء وفللت لك الأعداء وأخضعت لك أعناق العرب وإني لأتخوف عليك أن ينازعك في هذا الأمر الذي أسندت لك إِلا أربعة نفر من قريش‏:‏ الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر‏.‏ فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وقَذَته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك‏.‏ وأما الحسين فإن أهل العراق لن يدعوه حتى يخرجوه فإن خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه فإن له رَحِمًا ماسة وحقًا عظيمًا وأما ابن أبي بكر فليست له همة إلا في النساء واللهو فإن رأى أصحابه صنعوا شيئًا صنع مثلهم وأما‏.‏ الذي يجثم جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإذا أمكنته فرصة وثب فابن الزبير فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربًا إربًا ولما اشتد مرض معاوية كان يزيد غائبًا فدعا بالضحاك بن قيس الفهوي - وكان صاحب شرطته - ومسلم بن عقبة المري فأوصى إليهما فقال‏:‏ بلغا يزيد وصيتي‏:‏
انظر أهل الحجاز فإنهم أهلك فأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل كل يوم عاملًا فافعل فإن عزل عامل أحب إلي من أن تشهر عليك مائة ألف سيف وانظر أهل الشام فليكونوا بطانتك وعيبتك فإن رابك شيء من عدوك فانتصر بهم فإذا أصبتهم فاردد أهل الشام إلى بلادهم,ثم توفي معاوية بعد ان اخذ البيعة من مختلف البلدان ليزيد ...
سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي (ع)
📖 الحلقة الثالثة


📚امر يزيد بأخذ البيعة من الحسين او قتله.
رسائل يزيد للوليد بن عتبة ولعبيد الله حيال استلامه الحكم


وفي سنة 60 للهجرة بويع ليزيد بن معاوية بالخلافة إلا ثلاث ( الامام الحسين (ع) , عبد الله بن الزبير , وعبد الله ابن عمر) وكان آنذاك النعمان بن بشير واليا على الكوفة , والوليد بن عتبة واليا على المدينة , وعبيد الله بن زياد والي البصرة .

جاء تاريخ الطبري والمنتظم في تاريخ الملوك والامم ص١٣ والفتح لابن اعثم ج٥ ص٩
ان يزيد أرسل كتابا إلى الوليد بن عتبة يأمره بأخذ البيعة من الامام الحسين (ع):

"بسم الله الرحمن الرحيم من يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة اما بعد: فان معاوية كان عبدا من عباد الله أكرمه الله واستخلفه وخوله ومكن له فعاش بقدر ومات بأجل فرحمه الله فقد عاش محمودا ومات برا تقيا والسلام".

وكتب إليه في صحيفة كأنها أذن فأرة أما بعد: "فخذ حسينا وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة أخذا شديدا ليست فيه رخصة حتى يبايعوا والسلام."

ثم كتب يزيد كتابا إلى ابن مرجانة عبيد الله:" إن اغزوا ابن الزبير واقتل ابن بنت رسول الله (ص) وأغزو البيت "

ثمّ كتب إليه في صحيفة صغيرة كأنّها أُذن فأرة :  «أما بعد ، فخذ الحسين بن علي وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر بن الخطاب أخذاً عنيفاً ليست فيه رخصة ، فمن أبى عليك منهم فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه»

ورد في تاريخ مدينة دمشق ج٤ ص١٩١ : " أن معاوية توفي وفي المدينة يومئذ الوليد بْن عتبة بْن أَبِي سفيان  فأتاه موته ، فبعث إلى مروان بْن الحكم وناس من بني أمية فأعلمهم الذي أتاه . فقال مروان : ابعث الساعة إلى الحسين وابن الزبير فإن بايعا وإلا فاضرب أعَناقهما.

من هنا يتبين لنا أن يزيد امر بقتل الامام الحسين (ع) وان الامام الحسين (ع) كان مخيرا بين البيعة وبين الاستشهاد؟
فماذا كان جواب الامام..؟
سنرى في الحلقات القادمة تبعات البيعة وتبعات الشهادة وايهما أصلح وكان واجبا على الامام اتخاذه...
*الوثائق والمستندات* 👇
سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي (ع)
الحلقة الرابعة

🛑🛑🛑🛑🛑🛑🛑🛑
📚 رفض الإمام الحسين (ع) بيعة يزيد واسبابها ج١
*مثلي لايبايع مثلة*

في منتصف رجب سنة 60 هجرية بعد إن  كتب يزيد إلى الوليد بن عتبة والي المدينة أن يأخذ الإمام الحسين (ع) وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير بالبيعة له, بقي الوليد في هذه الإثناء بحيرة من أمره فاخذ المشورة من عبد الملك بن مروان والي المدينة السابق , فأشار إليه بأن يرسل إليهم لمبايعة يزيد , لم يبقى من هؤلاء الثلاثة إلى الحسين واقفا صامدا بوجههم فعبد الله ابن عمر رجل ضعيف اعتزل السياسة وانفرد بنفسه وأما عبد الله بن الزبير فهرب الى مكة ليلا ليأخذ بيعة الناس إليه ,

فأنفذ الوليد إلى الحسين (عليه السلام) فاستدعاه، فعرف الحسين ما أراد، فدعا جماعة من مواليه وأمرهم بحمل السلاح وقال: اجلسوا على الباب، فإذا سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه ولا تخافوا علي.

وسار الإمام الحسين (ع) إلى الوليد فنعى الوليد إليه معاوية فاسترجع الحسين (عليه السلام) ثمّ قرأ عليه كتاب يزيد بن معاوية، فقال الحسين (عليه السلام) إني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سراً حتى أبايعه جهراً فيعرف ذلك الناس، فقال له الوليد: أجل، فقال الحسين (عليه السلام): فتصبح وترى رأيك في ذلك فقال الوليد: انصرف على اسم الله تعالى، فقال مروان: والله لئن فارقك الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبدا حتى يكثر القتلى بينكم وبينه، احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه، فوثب عند ذلك الحسين (عليه السلام) وقال: أنت يا بن الزرقاء تقتلني أو هو؟ كذبت والله وأثمت ثمّ خرج.
والله لو رام ذلك أحد من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك، وإن شئت ذلك فرم ضرب عنقي إن كنت صادقا. قال: ثم أقبل الحسين على الوليد بن عتبة *وقال: ! إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة وبنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب خمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق،مثلي لايبيايع مثله*
*ولكن نصبح وتصبحون وننتظر وتنتظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة*
قال: وسمع من بالباب الحسين فهموا بفتح الباب وإشهار السيوف، فخرج إليهم الحسين سريعا فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم، وأقبل الحسين إلى منزله.
سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي (ع)
الحلقة الرابعة ج ٢


*رفض الامام الحسين ع بيعة يزيد*
🛑رؤيا الامام الحسين (ع) بمعاوية ....

📚قال أحمد بن أعثم الكوفي : فلمّا ورد الكتاب على الوليد بن عتبة وقرأه ، قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، يا ويح الوليد! ممن أدخله في هذه الإمارة؟ مالي وللحسين بن فاطمة؟ ثمّ بعث إلى مروان فدعاه وأقرأه الكتاب فاسترجع مروان ، ثمّ قال : يرحم الله أمير المؤمنين معاوية ، فقال له الوليد : أشر عليّ برأيك في أمر هؤلاء القوم
فقال مروان : أرى أن تبعث إليهم الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد ، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم ، وكففت عنهم ، وإن أبوا قدّمتهم وضربت أعناقهم قبل أن يعلموا بموت معاوية ، فإنهم إن علموا بذلك ، وثب كلّ واحد منهم ، وأظهر الخلاف ، ودعا الى نفسه فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به وما لا تقوم به ، إلا عبد الله بن عمر فإنه لا أراه ينازع في هذا أحد ، إلّا أن تأتيه الخلافة فيأخذها عفوّا ، فذر عنك ابن عمر ، وابعث الى الحسين بن علي ؛ وعبد الرحمن بن أبي بكر ؛ وعبد الله بن الزبير ، فادعهم إلى ـ البيعة ـ  مع أني أعلم أن الحسين خاصة لا يجيبك إلى بيعة يزيد أبدا ، ولا يرى له عليه طاعة ، وو الله  إني لو كنت بموضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أضرب عنقه كائنا في ذلك ما كان
  فأطرق الوليد برأسه إلى الأرض ساعة ، ثمّ رفع رأسه ، وقال : ليت الوليد لم يولد ، ولم يكن شيئا مذكورا ، ثم دمعت عيناه ، فقال له مروان : أيها الأمير! لا تجزع ممّا ذكرت لك ، فإن ـ آل أبي تراب ـ هم الأعداء من قديم الدهر ، ولا يزالون ، وهم الذين قتلوا عثمان ، وهم الذين ساروا إلى أمير المؤمنين معاوية فحاربوه وبعد فإني لست آمن أيها الأمير!
إن لم تعاجل الحسين بن علي خاصة ، أن تسقط منزلتك من أمير المؤمنين يزيد؟ فقال له الوليد

: مهلا ، ويحك دعني من كلامك هذا ، وأحسن القول في ـ ابن فاطمة ـ فإنّه بقية ولد النبيين  ثم بعث الوليد إلى الحسين بن علي ؛ وعبد الرحمن بن أبي بكر ؛ وعبد الله بن عمر ؛ وعبد الله بن الزبير ؛ فدعاهم وأقبل إليهم رسوله ، وهو عمرو بن عثمان ـ ، فلم يصب القوم في منازلهم  فمضى نحو ـ المسجد ـ فإذا هم عند قبر النبي (ص) فسلم عليهم ، ثم قال : الأمير يدعوكم فصيروا إليه.

فقال الحسين : «نفعل ذلك إذا نحن فرغنا من مجلسنا إن شاء الله». 
قال : فانصرف الرسول إلى الوليد وأخبره بذلك ، وأقبل ـ عبد الله بن الزبير ـ على ـ الحسين ـ فقال : يا أبا عبد الله! إنّ هذه ساعة لم يكن الوليد بن عتبة يجلس فيها للناس ، وإني قد أنكرت بعثه إلينا ودعاءه إيانا في مثل هذا الوقت ، أفترى لما ذا بعث إلينا؟  فقال له الحسين :
« *أنا اخبرك : أظن أنّ معاوية قد مات ، وذلك إني رأيت البارحة في منامي كأنّ معاوية منكوس ، ورأيت النّار تشتعل في داره ، فتأولت ذلك في نفسي أن قد مات معاوية».*
فقال ابن الزبير : فاعلم أنّ ذلك كذلك ، فما ذا ترى نصنع يا أبا عبد الله! إن دعينا إلى ـ بيعة يزيد ـ. 
فقال الحسين : « *أما أنا فلا ابايع أبدا  لأن الأمر كان لي بعد أخي الحسن ، فصنع معاوية ما صنع ، وكان حلف لأخي الحسن : أن لا يجعل الخلافة لأحد من ولده ، وأن يردّها عليّ إن كنت حيا ، فان كان معاوية خرج من دنياه ولم يف لي ، ولا لأخي بما ضمن ، فقد جاءنا ما لا قرار لنا به ، أتظن أبا بكر! أني ابايع ليزيد ، ويزيد رجل فاسق ، معلن بالفسق ، يشرب الخمر ، ويلعب بالكلاب والفهود ، ونحن بقية آل الرسول ، لا ، والله ، لا يكون ذلك أبدا».*

وأصبح الحسين من غده يستمع الإخبار، فاذا هو بمروان بن الحكم قد عارضه في طريقه فقال: أبا عبد الله إنّي أرشدك لبيعة يزيد فانّها خير لك في دينك وفي دنياك، فاسترجع الحسين وقال: *إنّا لله وإنّا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام اذا بليت الأمّة براع مثل يزيد*

ثم قال: يا مروان أترشدني لبيعة يزيد!! ويزيد رجل فاسق، لقد قلت شططاً من القول وزللاً ولا ألومك فإنّك اللعين الذي لعنك رسول الله وأنت في صلب ابيك الحكم بن العاص، ومن لعنه رسول الله فلا ينكر منه أن يدعو لبيعة يزيد، اليك عنّي يا عدو الله، فإنّا أهل بيت رسول الله الحق فينا ينطق على ألسنتنا، *وقد سمعت جدّي رسول الله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان الطلقاء وأبناء الطلقاء، فاذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه.*

وهكذا كان الرفض الحسيني الصارم لبيعة من هو مثل يزيد , فالنفس الأبية التي كان يحملها سيد الشهداء تحتم عليه عدم الرضوخ إلى مثل هكذا حاكم وان كان ثمن ذلك الشهادة , كل هذا ينبع من عشق سيد الشهداء لله العظيم ودينه الحنيف , وعدم قبوله إن يعبث بالدين مثل يزيد العاصي لله , فاعل المنكرات .
ولم يكن للإمام الحسين(ع) خيار آخر غير النهضة والثورة العظيمة للرفض وصد يزيد , وقد وضع نفسه بين خيارين القبول والبيعة أو الثورة والشهادة , ولم يكن بدا من الشهادة , وهكذا خرجت تلك النفس الأبية ضد الفجور والعصيان والفسق
لتصبح اليوم منارا للاحرار ومثالا للنفوس الثورية ضد كل فاسق فاجر ظالم .وهذا يبين امران
1-ان يزيد غير مستحق للخلافة الاسلامية بسبب منكراته وفسقه
2-ان الإمام الحسين (ع) يلزم الناس الحجة برفضه بيعة فاسق كافر , وبالتالي على الناس ان تحذوا حذو الإمام الحسين (ع) وان ترفض بيعة وذلك يبدو جليا من خلال قوله
ان يزيد فاسقا ومثلي لايبيايع مثله...
وقوله على الإسلام السلام اذا بليت الأمة براع مثل يزيد...
يعني قوله ان الاسلام سيفنى وسيبقى اسمه فقط لو بقي يزيد في الحكم مع مجاهرته بالفسق والفجور... وسكوت الحسين ع يضفي شرعية ليزيد وحكمه وهو ان الناس سوف تحتج وتدعي ان ابن الرسول ساكت عنه او بايعه... بالتالي الناس ترى شرعية حكم يزيد وأفعاله ومنكراته..... وتقلد اميرها بالمنكرات والفسق والفجور وتصبح منكرات يزيد سنة الى يوم القيامة... فكان رفض الحسين ع واجبا....
Audio
‏مقطع صوتي من ....
سلسلة البيان الجلي في قضية الحسين بن علي (ع)

أسباب خروج الامام الحسين (ع) على يزيد

الحلقة الخامسة

🔹🔹🔹🔹🔹🔹🔹
لم يخرج الامام الحسين (ع) على يزيد إلا بعد إن استشعر الإمام وجود خطر كبير وحقيقي يهدد الأمة الإسلامية والعقيدة الإسلامية , هذا الخطر كان بإمكانه أن ينهي الإسلام وينحره ولم يبقى سوى اسمه , فقام الامام بنفير عام أي خرج بإخوانه وأولاده وأقربائه ونسائه وأطفاله وأصحابه لحماية العقيدة ولإرجاعها لجادة الصواب , الخطر كان يكمن ببقاء يزيد في الحكم وغفلة الناس عن مايدور حولهم , فلنفرض إن الإمام الحسين(ع) سكت عن يزيد وتركه أو بايعه فستكون حجة للناس بفعل المنكرات , والسبب ان خليفتنا وأميرنا يفعلها ( الزنا بالمحارم , السكر , ترك الصلاة , إتيان المنكرات بأنواعها ) فلايستبعد ان يفعل الناس كل هذا اقتداءا بأمير المؤمنين وخليفة المسلمين الذي يعتقدونه وهو يزيد (عليه اللعنة ) فبما انه هو الخليفة والأمير وان الإمام الحسين (ع) سيد شباب أهل الجنة قد بايعه ورضيه وسكت عنه وسكوت المعصوم إقرار فكيف ببيعته ؟ فمن البديهي أن تفعل الناس كل هذه المنكرات وبالتالي تتغير السنن والعقيدة والشريعة كلها اقتداءا بيزيد أميرهم وبسكوت الحسين وبيعته , ولو ان فعلا يزيد كان مخطئا فلماذا سيد شباب أهل الجنة بايعه وسكت ؟
هنا كان يمكن الخطر العظيم على الإسلام , فالإمام الحسين (ع) كان بين طريقين

الطريق الأول : بيعة يزيد وان كان فاسقا منكرا ظاهرا للفسق والفجور والكفر وبالتالي تفعل الناس كل هذه المنكرات اقتداءا بإمامهم وتصبح سنة جارية وبالتالي كل تعاليم وسنن الاسلام تنتهي وتتغير ويموت الإسلام على يد يزيد .

الطريق الثاني : الثورة والنهضة وأحداث ضجة كبيرة وان لم يكن بها انتصار عسكري فهذا يوضح صور عديدة للناس :
1/أن يزيد فاسق فاجر خالف الشريعة والسنن
2/ أن الإمام الحسين (ع) غير راضي عن منكرات وأفعال يزيد وبالتالي تنتبه الناس من غفلتها
3/ أحداث ثورة داخل نفوس المسلمين على يزيد وافعاله وعدم قبولهم له كخليفة للمسلمين
4/ ان يزيد غير مستحق للخلافة الإسلامية بسبب منكراته والدليل ان ابن النبي خرج ضده بالسيف
5/قلب الناس على يزيد والثورة عليه اقتداءا بالإمام الحسين (ع) وان كان بعد حين وهذا ماحدث بالفعل من ثورات بعد مقتل سيد الشهداء (ع)

ولم يكن للإمام الحسن (ع) طريقا غير الثورة والنهضة وان كان ثمن ذلك قتله وقتل عياله وأهله وأصحابه فالإسلام مرهون بقائه بقيام الامام الحسين (ع) وثورته ودمه , كيف لا وهو القائل ( إنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ) وهذا هو معنى قول ( إن الإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ) فلولا رفض الحسين وقيامه لكنا اليوم نترضى على يزيد ونفعل منكراته اذا خروج الحسين (ع) كان من اجل الشريعة من اجل حفظ الاحكام وحفظ الصلاة وحفظ الاسلام من العبث بشرائعه وسننه وهي كانت على المحك من ان تنتهي بسبب ان خليفة المسلمين يزيد زاني شارب للخمر.....
فخرج ابو عبد الله مع علمه بالقتل والذبح فهو يعلم جيدا ان بقتله سيكون الاصلاح والتغيير.. ولم يكن خروجه لاجل سلطة وكرسي وحكم والا لما طلب من انصاره ان يتركوه وحيدا ويذهبوا.. فكيف يريد سلطة وهو يصرف اصحابه ليبقى وحيدا امام الوف؟؟ وكيف يريد سلطة وهو من لحظة خروجه كان يعلم انه سيقتل وذلك باديا من مقولته الشهيرة خط الموت على ولد ادم كخط القلادة على جيد الفتاة... وايضا كان ينعى نفسه بقوله القوم يسيرون والمنايا تسير خلفهم...
واقعا هذه الاسباب التي خرج من اجلها ابي عبد الله ع واحدث التغيير والنصر الذي سنتحدث عنه لاحقا... وينبغي ان لايشبه احد ثورته بثورة الامام الحسين ع فثورة الحسين كانت لحفظ الشرع من يزيد ومجااهرته بالمنكر... فكانت العقيدة على شفا حفرة من الانهيار... لاعلى المناصب والكراسي فالامام الحسين ع.. لايستحق منكم ان تشبهوا ثورات البعض التي جلها الفساد وتضم من لايعرف للصلاة عنوان ولايعرف من الحسين سوى اسمه ولايعرف احكامه وتكاليفه بثورة كان اصغر من فيها على بصيرة من امره بثورة كان الدم مصداقا لاخلاصهم لله بثورة ارادت حفظ الصلاة بثورة كان مسيرها العشق لله والتفاني لاجله لاتظلموا الامام الحسين ع ولتأخذكم الغيرة على ابي عبد الله ع ....