كمن كان سائرًا متحرّكًا متنقلاً، حاملا معهُ أشياءً يحبُّ: ثقيلٌ بأشياءهِ، خفيفٌ سابِحٌ بحُبِّها.

وغادرتهُ أشياؤه، فتوقفَ من حينه، منكفأً على أثرهِ، لا يتحول عن مكانهِ. بِهِ في سُكونهِ -كما في سعيِهِ- حالٌ مُكتمِلةٌ تامّة، كتمامِ البدْرِ، تقابل فيه قدرا الظلامِ والنورِ. ففي وقوفهِ قوتانِ فاعلتانِ، أولاهما خوفُ أن يتحرك فتضلّ أشياؤهُ عنهُ شواردا. وثانيهما أمل أنها تطوف ما شاء الله لها أن تطوف فتعودَ -أخيرا- نحوَهُ.

ويحكمُ سكونه هذا اليقينُ، يقين أن سبُل الحق مستقيمة الاستدارة، وأن أشياءه التي أحبَّ أفلاكٌ سيّارةٌ بها.

إن من هو كذا تصير الحركة عليه حرامًا. وإن له الوقوفَ ما شاءت الأشياءُ عنهُ تنائيا.

#لحون

And, I shall wait for you
For you to come back home
For my life is not much
Whilst you are gone

| Athey Thompson
#شعر

كلمة شافية :

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالا : ثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي السَّوْدَاءِ، عَنْ أَبِي مِجْلَز، قَالَ :
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :

" مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ حَالٍ أَصْبَحْتُ، عَلَى مَا أُحِبُّ أَوْ عَلَى مَا أَكْرَهُ، وَذَلِكَ لأَنِّي لا أَدْرِي الْخَيْرَ فِيمَا أُحِبُّ أَوْ فِيمَا أَكْرَهُ. "

يشهد الله أنني لم أشأ بدَلاً، وأنني لمَّا شُرِّعت لدُخولي أبوابُ الأوطانِ لم أشأ فيها إلا السكونَ، ولم أتحرّك حركةً إلا نحوهُ وإليهِ. ولم أسعَ يومًا إلى كثرةٍ بلا بركةٍ. ولا إلى تبديلٍ. ولا داخلني من راحلتي مَللٌ. ويشهدُ اللّٰه أنّهُ كفاني من المعنى فاكتَفيتُ وقرّت عيني. فيا إلهي لم لم تثبُت -لمَّا سكنتُ فيها- الأوطانُ؟

#شكوى

أحبك بقدر كل إحتراقٍ مررتَ به،
يا من يضوعُ طيبًا كعود النّد إذا احترق!

#لحون_القلب

ضمّني الحبّ إليه ضمةً
جعلتني في مَضيقٍ من كُروبِ

أملي في الله من طولِ البلا
أن يكونَ الحُبّ تكفيرَ ذُنوبي

وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضِ  ۚ وَمَآ أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ  ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ

"And to Allah belongs the unseen [aspects] of the heavens and the earth. And the command for the Hour is not but as a glance of the eye or even nearer. Indeed, Allah is over all things competent."
(QS. An-Nahl 16: Verse 77)

#آية

بمرور التجارِبِ تفهم أنّ الأصل في الأشياءِ المُقبِلة عليكَ أنها لا تأتي على مقاسك، هي تأتي بالملامحِ المحددة من اليد الناسجة الصانعة.. وبقدرِ إحسانِ هذه اليدِ لما تصنعُ.

لهذا ودائمًا لا بُد أن تكونَ مُحسِنًا ما استطعتَ، ثم مُنصِفًا ما تيسَّر لكَ ذلكَ. لتجسرَ تلك الهوّة التي تكبر كل يومٍ ما بينَ المعطي والمُعطَى، وتستدرِكَ وعيك المتفاقم باتساعها والفزع الناتج عنهُ، وتكونَ أنتَ حُجّتكَ - إذا ما تهاوت الحجج- عندَ نفسِكَ، ودليلك على اللّٰهِ إذا ما تصاغرَ الدالونَ.

#في_تشخيص_الدواء

فوضى الأشياء والغرفِ والملابس شيء أحتمله. بل وأحيانا آلفهُ. أما فوضى البشرِ والمعاني فهي عندي اختناقٌ لا انتهاءَ لهُ. أن يقف كل منهم في مكانٍ لا انتماء لهُ فيهِ إليه، ولا صدقَ لهُ فيهِ، ولا صدقًا إليه! ويُجمعَ الجمعُ دون شيءٍ جامع حقيقيّ يعول عليه. فكأن الجمع الهباءُ المنثور. وكأن الواحد منهم فيهم شبحٌ قائمٌ عن نفسه.

#في_استنطاق_الداء

لا يتسنى للإنسان أن يجد أو يكون له اخوة و أصدقاء، حين يرغب أو كما يريد، لأن هؤلاء لا يكوّنهم إلا الزمن

أرض السواد ج٢ | ص270
#عبد_الرحمن_منيف

من الأقوال المروية في بعض كتب التراث (ومنها كتاب الفتن لابن حمّاد) أنّ الشمس تُصدِر صليلاً مهيباً ساعة الغروب. وتمضي الرواية قائلةً إنه "لولا لغط أهل روميّة" لكان بوسعنا أن نسمع الصليل بأنفسنا في ديار الإسلام، فعائق السمع ليس بُعد المسافة، وإنما ضجيج الروم الواقفين بيننا وبين الشمس ساعة غروبها. تحمل هذه الرواية رمزية غريبة لمن يقرأها اليوم، وهي تحكي -بمجاز لم تقصده- شيئاً بليغاً عن انسداد حواسنا -وبعض أذهاننا وخيالنا- بضوضاء روميّة ولغط أهلها..

| بلال عوني
#في_استنطاق_الداء

https://arabi21.com/story/1479295/%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%A7%D9%81%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9

ْ
"..كان التعريب في أغلبه نقلا ميكانيكيا أميناً، مصطلحا بمصطلح وتعبيرا بتعبير (مجتمع الميم، النضال الكويري، الذكورية السامة، البنية الأبوية..). ولا شك أن هذا الاستثمار نجح بدرجات متفاوتة في تغيير اللغة والمزاج الاجتماعي لدى قطاعات في العالم العربي. بعض المشاركين في مشروع الترجمة هذا مقتنعٌ فعلا بهذه المنظومة، لكنه ليس واعياً بالضرورة كيف اقتنع بها في المقام الأول، ولأي حدٍّ كان اقتناعُه دونيةً فكرية لطرف مغلوب أمام طرف غالب. لا حلّ لهذه الدونية، حتى وإن كتب عنها ابن خلدون منذ ستة قرون، فالوعي بها شيء والإفلات منها شيء آخَر تماما. "

| بلال عوني

كُلُّ إدراكٍ لضعفٍ لا يصحبُهُ إدراكٌ لقُوَّةٍ لا يُعوَّلُ عليْهِ.
كلُّ عجزٍ لا يتلوهُ توكُّلٌ لا يُعوَّلُ عليهِ.

#في_ما_لا_يعول_عليه

كم بيْننا من اتفاقٍ غيرُ مُعلَنِ!

#لحون_القلب

إن تكُ عيني لا ترى وجهها
فإنَّها قدْ صُوِّرَت في الضَّميرِ.

| بشَّار بن بُرد
#شعر

" لا أريد من أحد أن يوافقني، ان هذا لي وحدي. والحب يا صديقي شيء خاص تماما. لا أعرف كيف أقول لك ما يدور في هذا الرأس المتعب، ولكن أشعر بالتعاسة. لم يكن الفقر عيبا بالنسبة لي، وسأموت وأنا فقير. الخبز يأتي ويروح، أما الحب فإنه يبقى مع الإنسان حتى اللحظات الأخيرة.."

الأشجار واغتيال مرزوق | ص106
#عبد_الرحمن_منيف

من البرِّ بمن تحبّ برهُ أن تخلق لنفسك عندهُ حاجةً قائمةً، وأنتَ الغنيُّ عن الاحتياجِ، لكي لا تُعدمَ جسر عبورك إليهِ.

#أدب
#ذكر_فضل

يعجبني لجوء المرأة للرجل ليفتحَ أغطية القوارير محكمة الإغلاق، يعجبني ذلك الميل الفطري في المرأة لطلَب ذلك، ويعجبني خوف الرجل من أن يعجزَ عن فتحها، وإذا أعيَته قال "دعيني أجفف يدي"، "كنت أتوضأ" ..الخ، لا ترى أن عجزها عنفتحها فشل وظيفي، ويرى عجزه عن فتحها مشكلة كبيرة، لأن الأمر بسيط، تلك اليد والأنامل الرقيقة معنيّة بتطريز التفاصيل، ويدك الخشنة مطالبة بحمل الأثقال، لا يمكنك العيش دون تطريز أنثوي يلون حياتك ولا يمكنها التطريز بثبات مع حملٍ ثقيل على ظهرها.

سُئل أبو حنيفة النعمان، ما قولك بالشرب في كأسٍ في بعض جوانبها فضّة؟ فقال لا بأس به. فقيل له، أليس قد ورد النهي عن الشّرب في إناء الفضة و الذهب؟ فقال أبو حنيفة، ما تقول في رجل مرّ على نهر و قد أصابه عطشٌ و ليس معه إناء، فإغترف الماء من النهر و شربه بكفه وفي إصبعه خاتم، فقال مناظره لا بأس بذلك، فقال فهذا كذلك.

هذه الهذا كذلك، كانت لعبة أبي حنيفة، القياس و إستلال الأشباه و إقتناص المجازات الفقهية، الأمر طبعا ليس حكرا عليه رحمه الله، فهذه أداة عالمية في مواجهة العالم، أن نستند لمعلوم قديم يشبه مجهولاً جديداً، أن نرمم جهلنا لا بزيادة المعرفة، وإنما بإعادة تدويرها، أن نحل أسئلة مستجدة بإجابات عتيقة، و نُسكت جوع اليوم ببقايا طبخة الأمس.

قد يبدو هذا انتصارا للذاكرة على الخيال، لكنه ليس كذلك، هناك وثبة كبرى بالخيال يحتاجها المرء حتى يعرف أي الإجابات القديمة تناسب سؤاله الجديد، وما يلزمنا غالبا هو أن نَحبِكَ مجازا بين شيئين مختلفين جدا، فننكر إختلافهما ثم نقيم الحجة على تطابق سري بينهما، أو بتعبير أبي حنيفة، أن نظهر بأن هذا كذلك.

الموضوع يبدو مغرياً وجميلاً، لكنه ككلِّ مغرٍ جميل، تحفُّه المزالق، وتحت سطحه من الألغام بقدر ما عليه من زهور، وسُمِّه و عسله مدسوسان ببعض. ويُروى أن أبا جعفر الصادق قال لأبي حنيفة معاتباً، يا أبا حنيفة، بلغني أنك تقيس فلا تفعل، إن أول من قاس إبليس، و مثله قال إبن سيرين، ما عُبِدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس، وأول من قاس إبليس، ومن ظن أن الأمر هنا حكرٌ على الدين، فهو لا يعرف كم تعثّر البحث العلمي وإنسدت آفاقه أزمنة بسبب قياسٍ فاسد هنا ومجازٍ مضلل هناك، لكن القياس يبقى ملجأً و معتصماً. ففي كثيرٍ من مسائل العلوم لم نملك يوماً غير هذه الحيلة، لم تتأخر كثيرٌ من إختراقات المعرفة الكبرى إلا في إنتظار ذاك المجاز الأثير، وكأن ظواهر الطبيعة مشبَّهٌ يبحث في عقولنا عن مشبِّهٍ به، ماذا فعل كثيرٌ من عباقرة الطبيعة سوى أنهم عرفوا أين ينصبون كاف التشبيه بين ظاهرتين، قديمة مفهومة، و جديدة غامضة، فيسقط لغز الثانية ببركة الفهم الذي في الأولى.

| بلال عوني

https://on.soundcloud.com/fZz84