أَبُو عُمَيْر - عِمْرَان الزُبَيْدي
11.5K subscribers
363 photos
140 videos
12 files
207 links
اثبتوا فالحق جلي
Download Telegram
"لا يُكلّف الله نفسًا إلًا وَسعها"

إيًاك أن تعتقد لوهلةٍ أنٌ أرحم الراحمين، وأحكم الحاكمين، وأعدل العادلين، وأكرم الأكرمين؛ بأنه سيُلقي عليكَ حِملًا لا تقدر على حَمله يا رعاك الله!.

هو من صوّركَ، وخلقك، وفطرك، وجَبَلكَ، وهو أعلم مِنكَ فيك، وأرأف بحالك مِنك،

هو جلّ ثناؤه يعلم حدود قدرتك، ومكامن قوّتك، ونِقاط ضعفك، ومبلغ طاقتك؛ أتظنّه سيكتبُ عليك ما لا تقوى عليه؟! حاشاه سبحانه!.

أخبرني بِصدق! كمّ مرةّ مررت بمرضٍ أو ظرفٍ أو موقفٍ أو نازلةٍ؛ ققلت لنفسك أول الأمر: "لن أتحمّل، لن أقدر، سأموت، سأنتهي"؟!.

ومع ذلك قدِرت، وتحمّلت، ولم تَمُت ولم تنتهِ؛ بل تجاوزتَ ذلك وأنت تقول لنِفسك: "أنا متفاجئ! والله لا أدري كيف مَرّ ذلك عليّ؟!"

أخبرني بِصدق! كمً مرةً خشيت أن تنزل بك نازلة، أو تفقدَ شيئًا ما، أو يحدث معك شيءٌ ما، وأنتَ تُتمتم مع نفسك: "يارب، يا الله! أنجني من هذه، فأنا عبدك الضعيف، ولا قدرة لي على تحمّل هذا؛ فأنجني من ذلك، واصرفه عنّي، وجنّبني إياه يارب"؟!.

فلم ينزل بكَ ما كنت تخشاه، ولم تفقد ما كنت تخشى فقدانه، ولم يحدث لك ما كنت تخشى حدوثه!.

{يُريد الله أن يُخفّف عنكم وخُلِقَ الإنسان ضعيفًا} سبحانه يريد التخفيف عنًا، يُريد نجاتنا، يُريد مفازتنا، ويعلم بضعفنا وقِلّة حيلتنا، وحاجتنا إليه في كل شيء، في كل شيء سبحانه!.

{وما كُنًا ظالمين) يا عبادي لم أظلمكم في شيء،؛ بل أنا الواحد القهّار قد حرمت الظُلم على نفسي؛ فكيف تظنّ أنه سبحانه سيظلمك بما كلّفك به وكتبه عليك؟! حاشاه سبحانه.

إن ثَقُلَ عليك الحِملُ، وشقّ عليكَ المسير ففكٌر في أمرين:

1- النِعم التي لديك وليست عند غيرك؛ فوالله ما يأس الناس من حالهم إلّا لأنهم نسوا ما هم فيه مِن نِعم وفضل من الله تعالى عليهم!.

بصرك الذي تبصر به، وسمعك الذي تسمع به، ورِجلك التي تمشي بها، ويدك التي تبطش بها، هذه نِعمٌ يوجد الملايين؛ بل مئات الملايين من يفتقدونها؛ فأين أنتَ عن شكر الله عليها؟!.

أن تنامَ مرتاحًا لا تئِنُّ ولا تتلوى من الألم والأوجاع!.

أن تذهب إلى بيت الخلاء دون حاجةٍ لمخلوق يُعينك على ذلك، والذي فيه من الشعور بالعجز والانكسار ما لا يتحمّله إلّا ذو قوةٍ عظيمة والله!.

بيتٌ تسكن فيه، ويحميك من برد الشتاء القارس، ومِن حرّ الصيف الحارق؛ أم لم ترى حال إخوتنا في المخيّمات؟! نسأل الله أن يفرج عنهم وعنّا، ويلطف بهم ويُِغيثهم برحماته.

انظر لنفسك ولحال من حولك، وسترى أنّك تعيش في نعيمٍ يجعلك تخجل مِن أن تطلب من الله شيئًا والله!.

2- كم سنعيش؟! سنة؟ اثنتين؟ عشرة؟ عشرون؟ أربعون؟! كم؟! ثمّ ماذا؟! ثمّ نعيمٌ أبدي لا شقاء فيه، ولا تعب فيه، ولا حزن فيه، ولا مرض فيه، ولا تعاسة فيه، ولا حاجة فيه؛ فقط راحة، وسعادة، وهناء، وما تشتهيه الأنفس إلى أبدِ الأبدين!.

أولا يستحق مِنكَ كلّ هذا الصبر على هذه السويعات الباقيات لنا في دار الاختبار هذه؟!.

أخبرني؛ ماذا تشعر حينما تدخل قاعة الامتحان الأخير في المدرسة أو الجامعة؟! بماذا تُفكّر؟ أولست تفكٌر بالراحة التي ستمالها بعد أن تنتهي لتهوّن على نفسك مِن ضغط الاختبار؟ وبالثناء والهدايا والفُسح التي ستكافأ عليها بعد تخرجك؟!.

فكّر هكذا مع الدنيا، واجعل عقلك دائم التفكير بالأخرة ونعيمها، واشغل قلبك بالجنّة وبُثّ فيه ما يزيد من شوقك إليها؛ سترتاح كثيرًا، وستَزهدُ نفسك بالدنيا والله.

خفّف الله عنكم، وفرج همومكم، وأسعد قلوبكم، وجبر خواطركم، ورزقكم السعادة في الدنيا وجنّة الفردوس في الأخرة، يارب.

.......
15 - ذي القعدة - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي
التعامل مع مخالفات النساء اليوم في ارتداء الزيّ الشرعي لا يكون ابتداءً في تحرير صفة الزيّ الشرعي وبيان مواصفاته؛ بل يكون في تقرير حكم الخروج من المنزل لغير حاجة أصلًا!.

لأنني أرى أنّ سبب هذا التفلّت المنتشر بين كثير من الفتيات في لباسهنّ أساسه وأصله أنهنّ يعتقدن بجواز خروجهنّ من منازلهنّ لحاجة ولغير حاجة!.

فالمرأة حين تعتقد أنّه يجوز لها الخروج متى شاءت وبشكل متكرر؛ فمن الطبيعي أن تفكر في مظهرها عند خروجها، وهذا التفكير يلزم منه التنوّع في الثياب، والتنوّع هذا هو حبل من حبائل الشيطان التي يمدّها للمرأة حتى ترتدي ما فيه مخالفات لما يجب عليها ارتداؤه آذا ما خرجت.

لكن حينما تفهم أنه لا يجوز لها الخروج لغير حاجة، وأنّ الأصل فيها قرارها في منزلها، وأنّ الزيّ الشرعي هو وسيلة وليس رخصة يقوم مقام منزلها بحجبها عن الرجال حتى تعود؛ فساعتئذ ستزهد في التفكير بمظهرها خارج المنزل وتلتزم بالزيّ الشرعي.

حب النساء للثياب والزينة يجب أن يوجّه بطريقة صحيحة لا أن نجعله مبررًا لما يفعلنه اليوم من مخالفات في لباسهنّ خارج المنزل!.

........
21 - ذو القعدة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
المُحب عليه أن يتقبّل محبوبه كما هو!.

هذه العبارة من أقبح الأفكار التي تمرر بغلاف عاطفي بين الناس.

إذ أنّ مقتضاها الدفاع عن الخُلق السيئ أو الأفكار الفاسدة بطريقة رومنسية طوباوية بالية، هذه من جهة.

من جهةِ آخرى؛ فهي تقتضي ما هو نقيض الحب أصلًا! إذ أنّ المُحب يُحب لمحبوبه كل خير.

فكيف لي كوني مُحب أن أتغافل وأتغاضى وأتجاهل؛ بل وأتقبّل أمرًا فيمن أحبه وأنا أعلم يقينًا أنه ليس خيرًا له لا في دنياه ولا في آخرته ولا أسعى لنصحه وإصلاحه؟! أي حبٍّ أخرق هذا!.

ثمّ إنّ مقتضى الحب هو بذل الخير لمن أحبه وكفّ الأذى عنه ما استطعت، فكيف تدعي أنك تحبني وتريد مني أن أحبك وفي نفس الوقت أتقبّل الأذى منك أو أتعايش مع أفكار ومبادئ فاسدة عندك؟!.

وهناك فرق يا إخوة بين التغافل عن بعض الأخطاء والزلات هنا وهناك وبين أن أتغافل وأتقبّّل سلوكًا فاسدًا ومنهج تفكيرٍ تالف وأتغاضى عنه تحت مسمّى التضحية البالي.

ملاحظة: الحب هنا في العلاقات المباحة وليست المحرمة.
..............
22 - ذو القعدة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
ما البديل؟!.

إذا تركت الاستماع للأغاني فما البديل؟!.
إذا تركت مشاهدة المسلسلات والأفلام فما البديل؟!.
إذا تركت الجلوس على المقاهي فما البديل؟!.
إذا امتنعت عن الذهاب إلى الأعراس المختلطة فما البديل؟!.
إذا لم أخرج مع صديقاتي لنسيح في الأسواق فما البديل؟!.
إذا لم نذهب في العُطل إلى المصايف المختلطة والمليئة بالمنكرات فما البديل؟!.

الناظر في هذه الاعتراضات حين ينكر على الناس منكرهم قد يجد في نفسه ضعفًا وشفقةّ على المعترض لا من حيث أنه عاصٍ ويريد له التوبة والفلاح؛ بل من حيث أنّ اعتراضه فيه وجهة نظر يجب أخذها بعين الاعتبار وتوفير البدائل؛ وإلا فإنكارنا المنكر حينئذ ليس له فائدة لأننا لم نوفّر البدائل، وهذه هي أم المصائب اليوم التي يسوّغ بها الشيطان للناس ركوبهم المحرمات، والله المستعان.

ولتفكيك هذا الاعتراض المغلّف بالعاطفة حتى لا يشعر الذي ينكر المنكر بالضعف ولا يشعر الواقع في المنكر أنّ حجته معتبرة، فأقول:

عليتا أولًا أن نصيغ السؤال بطريقة واضحة مجودة من كل عاطفة ومسكنة على النحو التالي:

أنا أعصي الله تبارك وتعالى، ولن أكف عن عصيانه ومخالفة أمره حتى تأتي لي ببديل يوفر لي لذة مباحة تغنيني عن لذة المعصية، فهل عندك البديل؟!.

أو:

حين تقف بين يدي الله تبارك وتعالى ويسألك عن سبب مخالفتك أمره تجيبه قائلًا: يا رب، أنت لم توفّر لي ما هو مباح يعطيني لذة مشابهة للذة الحرام حتى أترك ما حرمته علي، فكيف تلومني؟!.

قل لي الآن: كيف هو الحال؟!.

ثانيًا: الذي يعترض بهذا الاعتراض يشعرك بأنّ الأصل في المسلم أنه يولد على المعصية ثمّ علينا نحن أن نوفّر له البديل ليتركها!.

والحق أنك ولدت على الفطرة النقية بصحيفة بيضاء وأنت من ركبت المعصية بإرادتك منذ البداية وأصررت عليها ولم تأبه لحكم الله فيها حتّى أدمنتها، فأنت الملام!.

ثالثًا: علينا أن ندرك أننا في دار تكليف لا دار ترفيه!.

أنت تعيش في هذه الدنيا لتحقيق غاية الوجود، عبادة الله تبارك وتعالى والامتثال لأمره والانتهاء عما نهى عنه، ومن الطبيعي أن يكون هناك كثير من الأمور التي تشتهيها النفس وتتشوّف إليها ولكن الله حرمها ليعلم من يقدم طاعته على طاعة هواه وإلا فكيف يكون التكليف والاختبار لو كان كل ما نشتهيه متاحًا؟!.

رابعًا: حتى لو كنت ضعيفًا أمام معصية ما، وترى أنك لا تقوى على تركها، وفي كل مرة تسعى للخلاص منها تعود إليها؛ فإياك ثم إياك ثم إياك أن تبرر لنفسك ركوبك لها إياك، فوالله إنّ هذا أشد وأخطر من ارتكاب المعصية ذاتها!.

الاعتراف بالذنب والإقرار بالمعصية وعدم تسويغ الوقوع فيها والندم والحسرة واحتقار النفس بسببها هي من أهم الأمور التي ينال بها العبد لطف الله تعالى ورحمته وعونه وهدايته.

فالله تبارك وتعالى يحب رؤية انكسار العبد له وافتقاره إليه. أما المكابرة وتسويغ مخالفة أمره بأي عذر كان؛ فهذا يستوجب العقوبة والطمس والختم وعدم التوفيق منه تبارك وتعالى.

فاحذر يا أخي أشد الحذر!.

أخيراً، البديل هو أن ترافق أهل التدين والصلاح، وأن تشغل نفسك بما ينفعك من علوم الشريعة وحتى علوم الدنيا النافعة، وما أكثر هذا المحتوى على يوتيوب ومواقع التواصل، وأن تشعر بالمسؤولية وتحمل هم الإسلام والمسلمين في كل مكان، فالإنسان حينما يسخّف ويسفّه من دوره في الحياة كمسلم فمن الطبيعي أن يتوجه إلى كل ما هو مضيعة للوقت وسخيف. هذا من جهة.

من جهة أخرى، بالمناسبة! دينك لا يمنعك من مجالسة الأصدقاء في مكان لا منكرات فيه، ولا يمنعك من ملاعبة إخوتك وزوجك وأهلك وممازحتهم، ولا يمنعك من مزاورة الأقارب والأحباب، ولا يمنعك من أخذ عائلتك في نزهة إلى أماكن خالية من المحرمات، صحيح هي قليلة ولكنها موجودة، وغير ذلك الكثير.

الخلاصة: إيجاد البديل لما أنت غارق فيه من المنكرات يبدأ من استيعابك لحقيقة أنك عبدٌ لله تبارك وتعالى أولًا، ثمّ إدراك قيمتك ودورك كإنسان مسلم ثانيًا، والعزم على التوبة والتوكل على الله أولًا وآخرًا.

وتذكّر: الجنة محفوفة بالمكاره والجحيم محفوفة بالشهوات، فانظر إلى خطواتك أين تتجه؟!.

والحند لله رب العالمين.
.........

28 - ذو القعدة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
وقس على ذلك كل آيات وأحاديث الصفات في القرآن والسنة، تخيّل أن تعاملها بالتفويض؛ بالله عليك أي عبث ينسبونه إلى الله تعالى؟ أي إساءة لرب البرية في أنه لا يقدر على مخاطبة عباده في وصف نفسه لهم بما لا يفهمونه؟! إجرام والله إجرام!.

نحن إذا قلنا لإنسان صف نفسك ولم يقدر على ذلك بوضوح؛ وصفناه بضعف الشخصية والعجز عن التعبير؛ فكيف بالله سبحانه وتعالى الذي بناء على منهجهم لم يصف نفسه لعباده بشيء مفهوم من الأصل! قاتلهم الله أنّى يؤفكون.

2- نسبة الجهل إلى رسول الله ﷺ!.

وفق هذا المنهج الكفري فإنّ النبي ﷺ كان جاهلًا -وحاشاه- بصفات ربه الذي اصطفاه ليكون نبيّه ورسوله للعالمين، فرسول الله ﷺ لا يعلم معاني هذه الصفات ولا يدرك مراد الله منها وهو الموحى إليه من ربه تبارك وتعالى؛ إذ أنه لو كان يعلم مراد الله منها لأعلمنا بذلك، كيف لا وهو الذي علّم صحابته رضوان الله عليهم كيف يتعاملون مع الخراءة؛ فكيف لا يعلمهم عن أسمى وأعظم المطالب والمقاصد، معرفة معبودهم جل في علاه؟!.

3- أنّ النبيّ ﷺ كتم الحق!.

فلو أعترض معارض لينزه النبي ﷺ عن الجهل وفقًا لمنهجه الضال؛ فعليه أن يقر بأنّ النبيّ ﷺ كان يعلم بمعاني الصفات ومراد الله تعالى منها، وهذا يعني أنه قد كتم تلك المعاني ومراد الله عن المسلمين!.

4- أنّ الصحابة رضوان الله عليهم كانوا على ضلال وأنّ النبي ﷺ قد أقرهم على ضلالهم!.

فالناظر في الأحاديث النبوية والآثار عن الصحابة رضوان الله عليهم سيرى بما لا يدع مجالًا للشك أنّ الصحابة رضوان الله عليهم قد كانوا يؤمنون بنصوص الصفات على ظاهر معناها -كما سيأتي في ما هو قادم من هذه السلسلة- ومع ذلك النبيّ ﷺ لم ينكر عليهم؛ بل أقرهم على ذلك وفعل أمورًا تؤيد فهمهم الباطل كما سيأتي فيما هو قادم.

وهذا اللازم القبيح قد أقر به إمام من أئمتهم، سلطاااااان العلماء العز بن عبد السلام! حيث قال:

"إِنَّ اعْتِقَادَ مَوْجُودٍ لَيْسَ بِمُتَحَرِّكٍ وَلَا سَاكِنٍ وَلَا مُنْفَصِلٍ عَنْ الْعَالَمِ وَلَا مُتَّصِلٍ بِهِ، وَلَا دَاخِلٍ فِيهِ وَلَا خَارِجٍ عَنْهُ لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فِي الْعَادَةِ، وَلَا يَهْتَدِي إلَيْهِ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى أَدِلَّةٍ صَعْبَةِ الْمُدْرَكِ عَسِرَةِ الْفَهْمِ فَلِأَجْلِ هَذِهِ الْمَشَقَّةِ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا فِي حَقِّ الْعَادِي.

وَلِذَلِكَ كَانَ –صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– لَا يُلْزِمُ أَحَدًا مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ بَلْ كَانَ يُقِرُّهُمْ عَلَى مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا انْفِكَاكَ لَهُمْ عَنْهُ، وَمَا زَالَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْمُهْتَدُونَ يُقِرُّونَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْعَامَّةَ لَمْ يَقِفُوا عَلَى الْحَقِّ فِيهِ وَلَمْ يَهْتَدُوا إلَيْهِ، وَأَجْرُوا عَلَيْهِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ … وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَامَحَهُمْ بِذَلِكَ وَعَفَا عَنْهُم لِعُسْرِ الِانْفِصَالِ مِنْهُ، لَمَا أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ … لِأَنَّ الشَّرْعَ إنَّمَا عَفَا عَنْ الْمُجَسَّمَةِ لِغَلَبَةِ التَّجَسُّمِ عَلَى النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يَفْهَمُونَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِ جِهَةٍ “

[قواعد الأحكام في مصالح الأنام ج1 ص201]

فانظر يا رعاك الله إلى هذه الجرأة والوقاحة في حق رسول الله ﷺ، انظر كيف ينسب للنبي ﷺ إقراره لعوام الصحابة على التجسيم -وفق تعريفهم المنحرف لإثبات الصفات على ظاهرها- الذي هو عندهم كفر! انظر كيف ينسب إلى الله تبارك وتعالى أنه أودع في فطرة البشر الاعتقاد بشيء هو باطل! انظر كيف جعل من عموم المسلمين عبر القرون مجسمة ونسب إليهم الجهل بربهم وبالحق وملازمتهم للضلال!.

____

للحديث بقية، وأنا لم أبدأ بعد، فما هو قادم دسم ودامغ بإذن الله، وأنا أدري بأنّ هناك بعض الاعتراضات والشبهات على هذا الطرح قد يوردها الجهمية الأشعرية ونحوهم، كل هذا ضمن حساباتي، وستجدون ما يشفي صدوركم في قادم الأيام بإذن الله..

والحمد لله رب العالمين
...............
17 - ذو الحجة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
#هل_كان_السلف_يفوضون_صفات_الله؟ (2).

الحمد لله وبعد ....

* المحور الثاني: تفويض مزيّف!.

كما تقدّم في المقال الأول؛ فإن الجهمية الأشعرية مفوّضة الصفات يزعمون أنهم يقفون من صفات الله تبارك وتعالى موقف غير العالم بمعانيها ومراد الله منها ويكلون ذلك إلى الله، ولكنّ الناظر في كلامهم يرى عكس ذلك؛ إذ أنهم يقولون بوضوح أنّنا نفوّض معاني الصفات ولكننا واثقون من أنّ ظاهر معاني الصفات ليس هو مراد الله؛ بل وقد تجرأوا على الحكم على من يثبت الصفات على ظاهر معناها بأنه مجسّم كافر، وهذا قمّة في التناقض!.

فأنت يا أيها الجهمي الزنديق على أي أساس جزمت بأنّ ظاهر الصفات ليس مراد الله وأنت أصلًا تدّعي بأنك لا تعلم مراد الله منها؟! لماذا لم تعتبر أنّ من أثبت ظاهر النصوص هو مجتهد أراد الوصول إلى مراد الله؟! كيف تحكم عليه بالكفر على شيء أنت أصلا لا تعلم معناه ثمّ تجزم بأنّ المعنى الذي أثبته ليس هو مراد الله؟! أي حمق وتناقض هذا!

قد يقول قائل: "هو حكم على من أثبت صفات الله على ظاهرها مستندًا بذلك إلى أنّ هذا المُثبت قد تقوّل على الله ما لم يقل، وادّعى معرفة مراد الله في أمرٍ غيبيّ لم يطلعنا عليه، وهذا مناط الحكم عليه بالكفر".

قلت: هذا هراء! إذ أنّ هذا الجهمي المفوّض الخبيث لا يفعل ذلك مع أخيه الجهمي المتأوّل الذي يؤول الصفات ويثبت لها معانٍ أخرى غير ظاهرها!.

فالجهمي المتأوّل يقول لك مثلًا: "اليد معناها القوّة أو القدرة أو النعمة" ثمّ لا تجد الجهمي المفوّض يرى في ذلك بأسًا!.

اماذا؟ لأنّ تفويضه مزيّف يصادر به على المطلوب، فهو لم يقل بالتفويض لأنه نزيه وورع في منهجه؛ بل لأنّ لديه حكم مسبق وهو أنّ ظاهر الصفات يستحيل أن يكون هو مراد الله، ولذلك تجد الجهمية الأشعرية يكثر في كلامهم قول: "وللسادة الأشعرية مذهبان في باب أسماء الله وصفاته: التفويض والتأويل" .... ولو حاكمت هؤلاء وفق مذاهبهم بلوازمها لوصلت إلى نتيجة حتميّة تقتضي بأنّ يُكفّر بعضهم بعضًا، وهو الذي حصل أصلًا في نقاشاتهم القديمة، ولكنهم تحالفوا وطبّعوا مع مناهجهم الفاسدة لاحقًا!.

* المحور الثالث: المفوّض في حقيقة الأمر مشبّه ابتداءً!.

وهذه النقطة بالذات تضرب منهجهم المنحرف في مقتل!.

فأنت يا أيها الجهمي المفوض كيف علمت أنّ الصفات التي فوّضتها هي صفاتٌ لله أصلًا؟! كيف علمت أنّ يد الله -مثلًا- هي صفة له سبحانه وتعالى؟ لماذا لم تعتبر هذه الكلمات -اليد، الوجه، العين-- شيء نسبه الله سبحانه وتعالى لنفسه تعظيمًا وتشريفًا كما فعل الله تعالى ذلك مع ناقة صالح (ناقة الله) أو الكعبة (بيت الله الحرام)؟! ما هذا المنهج الأعوج الأعرج الذي سرت عليه حتى تقول بأنّ هذه الألفاظ هي صفاتٌ لله وأنت أصلًا لا تثبت لها معانٍ ابتداءً؟!.

أنا أجيبك يا أيها الجهمي الجاهل:

أنت يا أيها الجهمي أثبت نصوص الصفات على ظاهرها شعرت أو لم تشعر، ففهمت من ذلك أنها صفة لله سبحانه وتعالى، ولأنك مشبّه قمت بتشبيه صفات الله بصفات المخلوقين، فأشكل عليك هذا فلجأت إلى التفويض!.

وإلّا فمن المحال عقلًا أن يأتي إنسان فيه ذرة وعي وإدراك وعقل إلى كلمة يدّعي بأنه لا يعلم معناها ابتداءً ويقول أنها تدل على شيء معيّن!.

وأنت هذا ما تفعله بالضبط مع صفات الله سبحانه وتعالى، فعلت المحال عقلًا؛ إذ أنك أتيت إليها وقلت أنها كلمات دالة على أنها صفات لله رغم أنك لا تثبت لها معنىً من الأصل!.

سفسطة وهرطقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى!.
__

وللحديث بقية إن شاء الله ....
___
18 - ذو الحجة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
مثال آخر: في قصة أسيادنا الخضر وموسى عليهما الصلاة والسلام، كان الخضر يفعل أمورًا مفهومة واضحة عند سيدنا موسى، مثل: خرق السفينة، وقـ * ـل الغلام، وبناء الجدار، ولكنّ سيّدنا موسى ﷺ لم يكن يدرك لماذا كان يفعل سيدنا الخضر ﷺ ذلك؟! وحينها قال له الخضر عليه الصلاة والسلام كما قال ربنا سبحانه: (قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} ثمّ بيّن له تأويل أفعاله.

فالتأويل أصلًا يكون للأقوال والأفعال التي لها معنى مفهوم أصالةً، ولكن لها مآلات قد تخفى عمّن يسمع تلك الأقوال أو يشاهد تلك الأفعال.

وهذه الشبهة السخيفة يستخدمها حتى الجهمية المتأوّلة، والردود عليها كثيرة ولله الحمد ولكن لا مجال لطرحها ها هنا؛ إذ أنّ الكلام في هذه السلسلة عن الجهمية المفوّضة الذين لا يثبتون المعاني من الأصل.
_

وللحديث بقية إن شاء الله ...

والحمد لله رب العالمين
--------------------
22 - ذو الحجة - 1444 هـ

#اثبتوا_فالحق_جلي
الله المستعان.

{يَعجب ربك: يرضى هذا العمل منه ويثيبه عليه}.

هذا المعنى لصفة العَجَب باطل ولا يصح؛ بل هذا تأويل فاسد وتعطيل يُخرج الصفة عن معناها الظاهر.

وعلى هذا أقول:

التعجّب نوعان:

1- التعجّب مِن الشيء لخفاء أسبابه عن المُتَعَجِّب.

2- التعجّب مِن الشيء لخروجه عن نظائره.

- فأمًا المعنى الأول فهو ممتنع عن الربّ سبحانه وتعالى؛ لأنّه جلّ وعلا عليم بكل شيء، عليم بما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف يكون.

وهذا المعنى يُوصف به المخلوق فحسب، فنحن نندهش مِن فعل الشيء لأننا نجهل سبب فعله أو كيفيّة فعله.

فعلى سبيل المثال؛ لو جاء لاعب خِفّة، وقام بإخراج حمامة مِن قبعته، فنحن نتعجب مِن ذلك لأننا نجهل كيف فعل ذلك، وهذا المعنى للتعجب ممتنع عن الرب سبحانه كما أسلفت.

- وأمّا المعنى الثاني فهو المعنى لتعجب الربّ سبحانه وتعالى مع تنزيهه عن كل نقص قد يُصاحب المعنى.

ومعنى التعجّب لخروج الشيء عن نظائره = هو أن تتعجّب مِن شيء تعظيمًا له كونه غير معتاد أن يفعله نظراء الفاعل.

على سبيل المثال؛ لو أنّك علمت بوجود شاب ملتزم مشهور بالتزامه لم يُكلّم النساء أبدًا ولم تراوده نفسه على معصية الربّ سبحانه في شيء مع النساء، فأنت تتعجّب مِن هذا الشاب ليس لأنك تجهل سبب عفافه وإحصانه فرجه ألا هو التزامه وتقواه ربه؛ بل تعظيمًا لفعل هذا الشاب كون هذا الأمر غير مُعتاد مِمّن هم في نفس عمره مِن الشباب، وهذا هو معنى التعجّب مِن الشيء لخروجه عن نظائره.

وهذا هو المعنى لعجب الربّ سبحانه، ويكون في حقّه سبحانه أكمل ما يكون دون قصور ولا نقص.

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه:

{وأما قوله: "التعجب استعظام للمتعجب منه"، فيقال: نعم؛ وقد يكون مقرونًا بجهل بسبب التعجب، وقد يكون لما خرج عن نظائره.

والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه أن لا يعلم سبب ما تعجب منه; بل يتعجب لخروجه عن نظائره تعظيمًا له.

والله تعالى يعظم ما هو عظيم; إما لعظمة سببه، أو لعظمته، فإنه وصف بعض الخير بأنه عظيم، ووصف بعض الشر بأنه عظيم}.

مجموع الفتاوى (6/123-124)

والحمدُ لله ربّ العالمين.
.........
12 - شعبان - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي
لو اجتهدت وبذلت وسعك؛ فيستحيل أن يضيع الله تعبك!

هذه المقالة صحيحة إن كان القصد من البذل والاجتهاد وجه الله تبارك وتعالى، ولكن المشكلة في أنّ من يقولها يقصد حتمية نيل جزاء الله تبارك وتعالى للباذل والمجتهد في الدنيا، وهنا تكمن الكارثة!

فكثيرًا ما نسمع مثل هذه المقالة من قِبل الأهل لأبنائهم من طلاب المدارس والجامعات -وتقال في غير ذلك من السباقات- وفي النهاية إذا لم ينل الإنسان ما بذل لأجله سخط على قدر الله، وصار يقول بمقالات فيها من سوء الأدب مع الله تبارك تعالى ما تهتز له القلوب؛ بل وقد يتعدّى الأمر إلى التلفّظ بمقالات كفرية مثل: لقد ظلمني الله، أو لماذا ضيعت تعبي يا رب وقد أحسنت الظن فيك؟ ... وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وأصل المشكلة هنا في عدم إدراك أنّ هذه الدنيا ليست دار جزاء؛ بل دار ابتلاء وشقاء واختبار، والدار الآخرة هي الحيوان وفيها النعيم والقرار، هذا من جهة.

من جهة أخرى؛ وجود خلل في فهم معنى القدر؛ بل وفي التقصير في معرفة أسماء الله وصفاته جل في علاه.

أنت وُجِدت في هذه الدنيا لتحقق غاية واحدة لا غير؛ عبادة الله تبارك وتعالى.

وفي هذا السبيل قد جعل الله تبارك وتعالى لك ما يعينك على تحقيق هذه الغاية: من رزق، وصحة، وعافية، وعقل، وهداية، وكذلك قد قدّر عليك ما يختبر فيه إيمانك وتسليمك لقضاءه وحكمه جل في علاه.

فأنت لم تُخلق لتصير دكتورًا أو مهندسًا أو لتسعى إلى الثروة!

فالعمل وطلب العلم الدنيوي هو من وجوه التدافع بين الناس في الحياة، والذي هو سنة الله سبحانه في خلقه؛ لئلا تفسد الأرض!

والبشر بحاجةِ لوجود الأطباء والمهندسين والمحاسبين كحاجتهم للنجّار والحدّاد وعامل النظافة؛ وإلا لفسد المجتمع وصارت الحياة مستحيلة!

ولولا الفقراء لما كان هناك من سينال جزاء الزكاة والصدقات!

ولا يوجد إنسان على وجه البسيطة يتمنى أن يكون فقيرًا أو يعمل في وظيفة هي دونية في نظرة المجتمع القاصرة، ولو كان الأمر بالاجتهاد والبذل لما رأيت فقيرًا ولا عامل نظافة في الدنيا!

إذ أنّ الجميع يبذل ويسعى للأفضل، ولكن هي أقدار الله ماضية في خلقه وقاضية عليهم، وكلٌ ميسّر لما خلق له.

فنعم، بذلك واجتهادك لن يضيع عند الله تبارك وتعالى، ولكن ضع في ذهنك أمرين:

الأول: أن يكون القصد من سعيك هو وجه الله ولا شيء سواه سبحانه.

الثاني: جزاء بذلك قد تناله في الدنيا وقد لا تناله لحكمةٍ يعلمها الحكيم علّام الغيوب سبحانه، ولكن حتمًا وقطعًا لن يضيعه الله عليك في الآخرة إذا ما أخلصت النية.

ومن الله العون وعليه التكلان.

#اثبتوا_فالحق_جلي
أريد تأمين مستقبلي!

هذه عبارة شائعة بين النساء في عصرنا هذا لتبرير ذهابهنّ إلى الجامعات المختلطة والحصول على الشهادات، ومزاحمة الرجال في سوق العمل.

ويكثر تستّرهنّ بهذه الحجّة الواهية إذا ما اقترن المستقبل بالزواج واحتمالية الطلاق.

والسؤال هنا:

"من الّذي أمرك بالقرار في منزلك ونهاك عن مخالطة الرجال وأسقط عنك السعي للكسب؟!".

الجواب: الله تبارك وتعالى.

جميل! بما أنك تعتقدين فكرة "ضمان المستقبل" فأنتِ الآن أمام الخيارات الآتية:

1- أنّ شرع الله سبحانه وتعالى لا يُناسب كلّ زمان ومكان.

2- أنّ الله سبحانه وتعالى لم يكن يعلم بأنّنا سنعيش في زمانٍ مثل زماننا الّذي أصبح فيه عمل المرأة ضرورة (في نظر الإنسان المادي) لذلك أمر النساء بالقرار في منازلهن منذ 14 قرن.

3- أنّ الله سبحانه وتعالى قد كلّفك بالقرار في المنزل دون أن يضمن لكِ رزقك في المستقبل، وهذا ظلم.

وجميع هذه الخيارات {كفر[ بواح، وغالبًا أنتِ لا تعتقدين ذلك إن كنت مسلمة، فلم يبقَ إلّا الخيار الرابع:

4- تتبعين الهوى!

{قل هل عندكم مِن علمٍ فتخرجوه لنا إن تتبعون إلّا الظنّ وإن أنتم إلّا تخرصون} الأنعام.

ملاحظات بدهية:

1- عدم الذهاب إلى الجامعات الفاسدة المختلطة لا يلزم منه حرمان المرأة مِن التعليم، فالعلم ليس حِكرًا على المدارس والجامعات، وسُبل تحصيله عديدة -ولله الحمد- في زمن الإنترنت.

2- يُستثنى مِن هذا المنشور المِهن الّتي لا يُمكن أن يمتهنها إلّا النساء مع مراعاة كون ذلك [فرض كفاية] وأن يأمنّ الفتنة والالتزام بالضوابط الشرعيّة.

3- ويُستثنى مِن ذلك أيضًا النساء المضطرات إلى العمل ضرورة [حقيقيّة] كأن لا يكون لها وليٌّ يُنفق عليها أو أنّ وليّها عاجز أو أنّ وليّها لا يستطيع تأمين الضرورات الّتي لا يقدر الإنسان على العيش بدونها لا الكماليات.

4- يُمكن للمرأة أن تتعلم علومًا ومِهن منزليّة تكون لها عونًا في حال تعرضت لظروف قاهرة؛ كالبرمجة، الخياطة، تعلّم اللّغة لترجمة الكتب والمقالات ونحو ذلك، وهذا متعارف عليه وبكثرة بين النساء اللّاتي يُعاونّ أزواجهنّ في المصاريف مِن خِلال عملهنّ مِن المنزل.

الحلال بيّن والحرام بيّن، ولكنّ اتّباع الهوى قد طغى، والله المستعان.

والحمد لله ربّ العالمين.
........
4 - رجب - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي
أَبُو عُمَيْر - عِمْرَان الزُبَيْدي
Photo
هذا مقال قديم كنت قد كتبته في هذا

---------------------------

مِن الأمور الّتي يستعملها الجهميّة الأشعريّة وأشباههم في التشغيب على مسألة العلو وإثبات وجود الله تعالى فوق عرشه [بذاته] هي قولهم:

"بما أنّ الأرض كرويّة فقولكم أنّ الله موجودٌ في السماء فوق العرش يلزم منه أنّه لو كان هناك شخصان، أحدهما يقف في القطب الشمالي، والثاني في القطب الجنوبي؛ فالذي في الشمالي سيكون الله فوقه صحيح، ولكن الذي في الجنوبي ليس كذلك، لأنه يقف في الجهة المعاكسة".

وقد ردّ أهل العلم على هذه الشبهة كثيرًا ودحضوها دحضًا ولله الحمد، وأجابوا بأجوبة كثيرة، وسأكتفي بجوابٍ سهلٍ يسير احفظه في قلبك حتّى إذا ما قابلك جهميّ فألجمه به:

فأمّا الجواب فنقول:

هناك جهات أصليّة ثابتة، وهناك جهات نسبيّة متغيّرة.

فأمّا النسبيّة فهي ستة: يمين يسار خلف أمام فوق تحت بالنسبة للراصد، وهذه تتغيّر بالنسبة للراصد، على سبيل المثال:

لو كان هناك رجلان يقفان وجهًا لوجه، وخلف أحدهما مسجد، فهذا المسجد سيكون حتمًا أمام أحدهما وخلف الآخر، ولو بدّلا مكانيهما مع بعضهما لاختلف مكان المسجد بالنسبة لهما مع أنّ مكان المسجد ثابت لم يتغيّر.

وهكذا دواليك.

وأمّا الجهات الثابتة المُطلقة فهي العلو والسُّفل، وهذه لا تتغيّر بتغيّر موقعك، على سبيل المثال:

لو أنّ هناك رجلين متواجدين في غرفة، أحدهما يقف على أرضيّة الغرفة بشكلٍ طبيعي، والثاني ثبّت قدميه في سقف الغرفة ورأسه إلى تحت، فهل مِن عاقل سيقول أنّ سقف الغرفة هو أرضيّتها لأنّ الرجل يقف عكسها؟! طبعًا لا.

فسقف الغرفة جهة ثابته للمتواجدين أسفل منها مهما كان حال وقوفهم واتجاههم فيها، فسيبقى السقف هو العلو، وأرضيّة الغرفة هي السُّفل، وهكذا هي السماء، فهي فوق جميع من يعيش في الأرض مهما كان حالهم وأيًّا كان موقعهم واتجاههم.

وهنا تنبيه حتّى لا يختلط عليك السُّفل المُطلق والتحتيّة النسبيّة، والعلوّ المُطلق والفوقيّة النسبيّة:

أرأيت المثال السابق عن الرجل الّذي ثبّت قدميه في سقف الغرفة؟!

هب أنّه يرتدي قبّعة، هذه القبعة ستكون فوق رأسه، فهي في جهة الفوق بالنسبة لرأسه هو، ولكنّ الرجل والقبعة كلاهما أسفل سقف الغرفة.

وكذلك قدما الرجل، فتحت قدميه يوجد السقف، فالسقف في الجهة التحتيّة بالنسبة له هو، ولكنّ السقف حقيقةً هو فوق الرجل وقدميه ولا اعتبار لتوجّه قدميه إلى السقف في كون السقف هو العلو.

باختصار؛ تخيّل السماء على أنها سقف غرفتك، والأرض والكواكب هي المصابيح المُعلّقة في سقف الغرفة، فمهما كانت جهة الواقف على هذه المصابيح سيبقى السقف فوقه لأنّ المصابيح أصلًا أسفل السقف، وهو تبعٌ للمصابيح كونه يقف عليها.

وإنّا للرحمن الّذي في السماء بذاته مستوٍ على عرشه كما يليق بجلاله.

ملاحظة: المنشور لا يناقش إثبات كرويّة الأرض أو كونها مسطحة.
.........
7 - شوال - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي
مِن الأخطاء الشائعة عند الوضوء، هو عدم غسل الكفّين عند غسل الذراعين، فتجد البعض يبدأ غسل ذراعيه ابتداءً مِن الرسغ إلى المرفق، وهذا خطأٌ عظيم يُبطِل الوضوء!.

فغسل الكفّين بداية الوضوء هذا مِن السُنّة ولا يُجزئ عن فرض غسل الكفّين عند غسل الذراعين.

لذلك عليك أن تحرص حين غسل ذراعيك أن تبدأ مِن رؤوس الأصابع انتهاءّ بالمرفق.

..........
18 - جمادى الأخرة - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي
هناك أمر ألاحظه في فهم معنى "النساء فتنة"! (إعادة نشر)

وهو حصر معنى "الفننة" في ما هو قبيح وسيئ فحسب، وهذا غلط كبير!

بمعنى، لو قلت لامرأة: "اخشى على نفسي مِن أن أُفتتن بك".

فغالبًا سيتبادر إلى أذهان النّاس أنّ هذه المرأة سيّئة، أو أنها تحاول إغراء الرجل، أو أنها واقعة في مخالفة شرعيّة تجلب الافتتان بها.

بعبارة أخرى؛ يربط كثيرٌ مِن النّاس الافتتان بالنساء بالتبرّج وعدم الحشمة والاختلاط فحسب.

والواقع أنّ الرجل قد يفتتن بامرأةٍ حييّة، محتشمة، مؤدبة، تقيّة لا تعطيه منفذًا للوصول إليها!.

- وما الّذي سيفتنه فيها؟

حياؤها، حشمتها، صلاحها!

- معقول!

طبعًا؛ بل هذا هو الطبيعي!

فكما أنّ هناك رجالًا ينجذبون نحو المرأة السافرة غير المحتشمة طمعًا في جسدها، فهناك رجالٌ ينجذبون نحو المرأة الصالحة الحيية، وهذا الانجذاب [الطبيعي] قد يُضعِف الرجل فيبذل كل سبيل لوصال هذه المرأة رغم أنًه غير قادر على الزواج منها لسببٍ ما، فيسعى للقرب منها ريثما يصبح قادرًا على الزواج منها حسب تفكيره!

الأمر أشبه بوصف الربّ سبحانه للأولاد بالنسبة لنا:

{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.

وفي موضعٍ آخر:

{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}.

فالأولاد زينة وقرة عين الأباء والأمهات، وفي نفس الوقت هم فتنة لهم، وليس شرطًا أن يكون الأولاد سيّئون ليُفتتن بهم الأهل؛ بل قد تكون فتنتهم بهم مِن فرط المحبّة والخوف عليهم، وشواهد ذلك كثيرة!

وكذا الأمر مع النساء، فسواءٌ كانت فاسدة أو صالحة هي فتنة للرجال.

وغياب هذا المعنى للفتنة هو من أعظم أسباب الافتتان الّذي يحدث بين الملتزمين!

فهما يعتقدان أنّ التزامهما درعٌ لهما دون الفننة، والحقيقة هي أنّ ذات الالتزام فتنة لهما!

.........
26 - جمادى الأخرة - 1444 هـ
#اثبتوا_فالحق_جلي