كل يوم حديث
595 subscribers
13 links
للبقاء على اتصال مع حديث رسول الله الصحيح في ظل الأجواء الحالية من هجر له وانتشار الأحاديث الموضوعة
Download Telegram
أَمَرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَتْلِ الأبْتَرِ وقَالَ: إنَّه يُصِيبُ البَصَرَ، ويُذْهِبُ الحَبَلَ.

الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3309.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].


شرح الحديث:
عن ابن أبي مليكة، أنَّ ابْنَ عُمَرَ كانَ يَقْتُلُ الحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى، قَالَ: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا له، فَوَجَدَ فيه سِلْخَ حَيَّةٍ، فَقَالَ: انْظُرُوا أيْنَ هو؟ فَنَظَرُوا، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ. فَكُنْتُ أقْتُلُهَا لذلكَ، فَلَقِيتُ أبَا لُبَابَةَ، فأخْبَرَنِي أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: لا تَقْتُلُوا الجِنَّانَ، إلَّا كُلَّ أبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ؛ فإنَّه يُسْقِطُ الوَلَدَ، ويُذْهِبُ البَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ.

الراوي: عبدالله بن عمر وأبو لبابة بن المنذر.
المحدث: البخاري.
المصدر: صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3310.
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
التخريج: من أفراد البخاري على مسلم.

-----------------
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأمُرُ بقَتْلِ ما يُؤذِي مِن الحيَّاتِ والحيواناتِ والطُّيورِ.

وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما عن نفْسِه أنَّه كان يَقتُلُ الحَيَّاتِ مُطلَقًا؛ لأنَّه كان مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَهدِمُ حائطًا له، فوَجَد فيه سِلْخَ حَيَّةٍ، أي: جِلدَ حَيَّةٍ، فأَمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالبَحثِ عنها وقتْلِها، فكان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يَقتُلُهُنَّ امتِثالًا لهذا الأمرِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ إنَّه نَهَى عن ذلِك مُبيِّنًا سَببَ نَهيه، وهو أنَّه لَقِيَ أبا لُبَابَةَ رَضيَ اللهُ عنه، فأَخبَره أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَقتُلوا الجِنَّانَ» وهي الحَيَّاتُ الصَّغيرةُ أو البَيْضاءُ التي تَسكُنُ البُيوتَ، وتُسَمَّى العَوامِرَ، وهي ما يَعمُرُ البُيوتَ مِنَ الجِنِّ، فيَتمَثَّلُ في صُوَرِ الحَيَّاتِ وفي غَيرِها.

ثمَّ استَثْنى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ القتْلِ الأبتَرَ، وهو مَقطوعُ الذَّنَبِ أو قَصيرُ الذَّيلِ، «ذِي طُفْيَتَيْنِ» وهو الحَيَّةُ التي على ظَهْرِها خَطَّانِ؛ وقيل: طُولُها قدْرُ شِبرٍ أو أكثَرُ قَليلًا؛ «فإنَّه يُسْقِطُ الوَلَدَ» مِن بَطْنِ أُمِّه إذا رَأَتْه؛ لأنَّها تَخافُ منه وتَفزَعُ، فتُسقِطُ حَمْلَها، «ويُذهِبُ البَصَرَ» أي: يُسبِّبُ العَمَى، ولذلك أَمَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَتْلِه.
سَمُّوا باسْمِي ولا تَكْتَنُوا بكُنْيَتِي، ومَن رَآنِي  في المَنامِ فقَدْ رَآنِي؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَتَمَثَّلُ في صُورَتِي، ومَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6197 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «سَمُّوا بِاسْمي، ولا تَكنَّوا بِكُنيتي»، يعني: لا مانِعَ في أن يُسمَّى أحدٌ بمُحمَّدٍ، ولكنْ لا يُكنَّى أحدٌ بِأبي القاسمِ، والكنيةُ: كلُّ اسمِ عَلَمٍ يَبدأُ بِأبٍ أو أُمٍّ، وكُنْيةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هي أبو القاسمِ.

وأَخْبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أيضًا في هذا الحديثِ أنَّ الشَّيطانَ لا يَتمثَّلُ في صُورتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنَّ مَن رآه في المنامِ على هَيْئتِه ووصْفِه المعروفِ المَنقول إلينا في كُتُبِ السُّنَّةِ ولو في أيِّ مَرحَلةٍ مِن مَراحِلِ حَياتِه، فإنَّه يكونُ رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَقيقةً ومَن رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على غَيرِ صُورَتِه المَعروفةِ فلا يُقالُ: إنَّه رأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فقدْ تَكونُ الرُّؤيا تَعبيرًا عن حالِ الرَّائي له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو تَخيُّلًا منه هو لِصِفةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أو تَكونُ مِنَ الشَّيطانِ؛ لِأنَّ الحَديثَ ذَكَرَ أنَّ الشَّيطانَ لا يَتمَثَّلُ بصُورةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا يَلزَمُ مِن ذلك أنْ يَكونَ الرَّائي مِنَ الصَّالِحينَ، ولا يَجوزُ أنْ يُعتَمَدَ عليها في شَيءٍ يُخالِفُ ما عُلِمَ مِنَ الشَّرعِ، بلْ يَجِبُ عَرْضُ ما سَمِعَه الرَّائي مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أوامِرَ أو نَواهٍ أو خَبَرٍ أو غَيرِ ذلك مِنَ الأُمورِ التي يَسمَعُها أو يَراها الرَّائي لِلرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على الكِتابِ والسُّنَّةِ الصَّحيحةِ؛ فما وافَقَهما أو أحَدَهما قُبِلَ، وما خالَفَهما أو أحَدَهما تُرِكَ؛ لِأنَّ اللهَ سُبحانَه قدْ أكمَلَ لِهذه الأُمَّةِ دِينَها، وأتَمَّ عليها النِّعمةَ قبْلَ وَفاةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فلا يَجوزُ أنْ يُقبَلَ مِن أحَدٍ مِنَ الناسِ ما يُخالِفُ ما عُلِمَ مِن شَرعِ اللهِ ودِينِه، سواءٌ كان ذلك مِن طَريقِ الرُّؤيا أو غَيرِها، وهذا مَحَلُّ إجماعٍ بيْنَ أهلِ العِلْمِ المُعتَدِّ بهم.

ثُمَّ حذَّرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الكذِبِ عليه؛ لأنه جريمةٌ عُظمى، ولا يُساويه أيُّ كَذِبٍ على شَخصٍ آخرَ؛ لأنَّ حقَّه أعظمُ
 وحقَّ الشريعةِ آكَدُ، ولأنَّ الكذبَ عليه ذريعةٌ إلى إبطالِ شَرْعِه، وتَحريفِ دِينِه، وبيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عُقوبةَ الكاذِبِ عليه بأن يتَّخِذَ لنَفْسِه مَوضِعًا له في النَّارِ ويَستَعِدَّ لِدخولهِا يومَ القِيامةِ؛ جَزاءً بما فعَلَه مِنَ الكذبِ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وزجرًا وتخويفًا منَ الإقدامِ على هذه الكبيرةِ
صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا أرَدْتَ أنْ تَنْصَرِفَ، فَارْكَعْ رَكْعَةً تُوتِرُ لكَ ما صَلَّيْتَ. قالَ القَاسِمُ: ورَأَيْنَا أُنَاسًا مُنْذُ أدْرَكْنَا يُوتِرُونَ بثَلَاثٍ، وإنَّ كُلًّا لَوَاسِعٌ أرْجُو أنْ لا يَكونَ بشيءٍ منه بَأْسٌ.

الراوي : عبدالله بن عمر المحدث : البخاري 
المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 993
خلاصة حكم المحدث : [صحيح] 
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً، فَقَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ، قَالَ: ارْكَبْهَا ويْلَكَ.

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6159 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنس بن مالك رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَأى رجُلًا ماشيًا على قَدمَيه، ويَسوقُ أمامَه بَدَنةً قدْ أهْداها إلى البَيتِ الحرامِ يَتقرَّبُ بها إلى اللهِ تعالَى، والبَدَنةُ: تكونُ مِن الإبلِ خاصَّةً، وقيل: البُدْنُ تُطلَقُ على الإبلِ والبقَرِ. فأمَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِرُكوبِها؛ ليَستريحَ مِن تَعَبِه الذي حَصَلَ له مِن مَشقَّةِ المَشْيِ، فأخْبَرَه الرَّجُلُ أنَّها بَدَنةٌ مُهداةٌ إلى الكَعبةِ، فكيف يَركَبُها؟ فقال له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في المرَّةِ الثانيةِ أو الثالثةِ: «اركَبْها، وَيلَكَ!» وأصلُ الوَيلِ: العذابُ الشَّديدُ، وهو غيرُ مَقصودٍ هنا، وإنَّما أرادَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَغلُظَ له في القَولِ لِيركَبَها.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ رُكوبِ الهَدْيِ.
وفيه: النَّدْبُ إلى المُبادَرةِ إلى امتثالِ أمْرِ اللهِ ورَسولِه، وزجْرٌ مَن لم يُبادِرْ إلى ذلك، وتَوبيخُه.
إذا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أبْوابَ رَحْمَتِكَ، وإذا خَرَجَ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِن فَضْلِكَ.

الراوي : أبو حميد أو أبو أسيد الساعدي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 713 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

 أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا، وأَبُو بَكْرٍ، وعُمَرُ، وعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بهِمْ، فَقَالَ: اثْبُتْ أُحُدُ؛ فإنَّما عَلَيْكَ نَبِيٌّ، وصِدِّيقٌ، وشَهِيدَانِ.

الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: [3675] | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَوْمًا فَقَالَ: عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبيُّ معهُ الرَّجُلُ، والنَّبيُّ معهُ الرَّجُلَانِ، والنَّبيُّ معهُ الرَّهْطُ، والنَّبيُّ ليسَ معهُ أحَدٌ، ورَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَرَجَوْتُ أنْ تَكُونَ أُمَّتِي، فقِيلَ: هذا مُوسَى وقَوْمُهُ، ثُمَّ قيلَ لِي: انْظُرْ، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فقِيلَ لِي: انْظُرْ هَكَذَا وهَكَذَا، فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فقِيلَ: هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ، ومع هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ ألْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بغيرِ حِسَابٍ. فَتَفَرَّقَ النَّاسُ ولَمْ يُبَيَّنْ لهمْ، فَتَذَاكَرَ أصْحَابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقالوا: أمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا في الشِّرْكِ، ولَكِنَّا آمَنَّا باللَّهِ ورَسولِهِ، ولَكِنْ هَؤُلَاءِ هُمْ أبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَقَالَ: هُمُ الَّذِينَ لا يَتَطَيَّرُونَ، ولَا يَسْتَرْقُونَ، ولَا يَكْتَوُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. فَقَامَ عُكَّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أمِنْهُمْ أنَا يا رَسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أمِنْهُمْ أنَا؟ فَقَالَ: سَبَقَكَ بهَا عُكَاشَةُ.

الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5752 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
{همُ الَّذينَ لا يَستَرْقُونَ} أي: لا يَطلُبُونَ مَن يَرقيهم؛
وقد رقى جِبريلُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ورَقى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه، والفَرقُ بينَ الرَّاقي والمُستَرقي: أنَّ المُستَرِقيَ سائِلٌ مُستَعْطٍ مُلتَفِتٌ إلى غيرِ اللهِ بقَلْبِه، والرَّاقي مُحسِنٌ، وإنَّما المُرادُ وصفُ السَّبعينَ ألفًا بتَمامِ التَّوكُّلِ، فلا يَسألُونَ غيرَهم أن يَرْقِيَهم.

{ولا يَكتَوُونُ} أي: لا يَسألُونَ غيرَهم أن يَكْويَهم، كَما لا يَسألُونَ غيرَهم أن يَرْقيَهم

{ولا يَتَطيَّرُونَ} أي: لا يَتَشاءَمُونَ بالطَّيرِ ونَحوِها

{وعلى رَبِّهم يَتَوكَّلُونَ} فتَرَكُوا الشِّرْكَ رَأسًا ولَم يُنزِلُوا حَوائِجَهم بأحَدٍ فيَسألُونَه الرُّقيَةَ فما فوقَها، وتَرَكُوا الكيَّ وإن كانَ يُرادُ لِلشِّفاءِ، والحامِلُ لَهم على ذَلِكَ قُوةُ تَوكُّلِهم على اللهِ، وتَفويضُ أُمُورِهم إليه، والحَديثُ لا يَدُلُّ على أنَّهم لا يُباشِرُونَ الأسبابَ أصلًا، فإنَّ مُباشَرةَ الأسبابِ في الجُملةِ أمرٌ فِطريٌّ ضَرُوريٌّ، بَل نَفسُ التَّوكُّلِ مُباشَرةٌ لِأعظَمِ الأسبابِ، وإنَّما المُرادُ أنَّهم يَتركُونَ الأُمُورَ المَكرُوهةَ مَعَ حاجَتِهم إليها تَوكُّلًا على اللهِ؛ كالِاكتِواءِ والِاستِرقاءِ، وأمَّا مُباشَرةُ الأسبابِ والتَّداوي على وجهٍ لا كَراهةَ فيه، فغيرُ قادِحٍ في التَّوكُّلِ، فلا يَكُونُ تَركُه مَشرُوعًا؛ لِما في الصَّحيحينِ: ((ما أنزَلَ اللهُ مِن داءٍ إلَّا أنزَلَ لَه شِفَاءً، عَلِمَه مَن عَلِمَه، وجَهِلَه مَن جَهِلَه)). وأَخرَجَ أحمَدُ: ((يا عِبَادَ اللهِ تَداوَوْا؛ فإنَّ اللهَ لَم يَضَعْ داءً إلَّا وضَعَ لَه شِفاءً)).
خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ في الحَرَمِ: الفَأْرَةُ، والعَقْرَبُ، والحُدَيَّا، والغُرَابُ، والكَلْبُ العَقُورُ.

الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3314.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].


شرح الحديث:
بيَّنَ اللهُ عزَّ وجلَّ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَحِلُّ للمُحرِمِ فِعلُه، وما يَحرُمُ عليه، ونَقَلَ ذلك الصَّحابةُ الكرامُ رَضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.
وفي هذا الحَديثِ يُشيرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى خمْسةِ أنواعٍ مِن الحَيواناتِ الَّتي يَحِلُّ للمُحرِمِ قتْلُها في الحرَمِ، ولا يكونُ عليه إثمٌ أو حرَجٌ أو جَزاءٌ فيها. والتَّقييدُ بالخمْسِ وإنْ كان مَفهومُه اختصاصَ المَذكوراتِ بالحكْمِ، لكنَّه لا يُفيدُ الحصْرَ حَقيقةً، وعلى تَقديرِ الحصْرِ، فيَحتمِلُ أنْ يكونَ قالَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوَّلًا، ثمَّ بيَّنَ أنَّ غيرَ الخمْسِ يَشترِكُ معها في الحكْمِ. وهذه الأنواعُ الخَمسُ ذُكِرَتْ في رِوايةٍ أُخرَى في الصَّحيحَينِ، وهي: الغُرابُ، وهو طائرٌ أسودُ مَعروفٌ، وهو يَنقُرُ ظَهْرَ البَعيرِ ويَنزِعُ عَينَه، ويَختلِسُ أطْعمةَ الناسِ. والحِدَأَةُ، وهي نَوعٌ مِن الطُّيورِ تَخطِفُ أطْعمةَ الناسِ. والفأرةُ، والمرادُ فَأرةُ البيتِ، وهي الفُويسقةُ. والعقربُ، وهي حَشَرةٌ صَغيرةٌ، لها ثَماني أرجُلٍ، وعَيناها في ظَهْرِها، تَلدَغُ وتُؤلِمُ إيلامًا شَديدًا، ومنها ما تكونُ لَدغتُه قاتلةً. والكلبُ العَقُورُ، وهو كلُّ ما عَقَرَ الناسَ وعَدا عليهم وأخافَهُم.

فهذه الأنواعُ الخَمسةُ لا جُناحَ على المُحرِمِ في قتلِها في الحرَمِ، وأُذِنَ في قتْلِها لِضَرَرِها وإيذائِها للناسِ.

وقدْ ذكَرَ الكلْبَ العَقُورَ ليُنبِّهَ به على ما يضُرُّ بالأبدانِ على جِهةِ المواجَهةِ والمُغالَبةِ، والكلبُ العَقُورُ هو كلُّ ما يَفتَرِسُ؛ لأنَّه يُسمَّى في اللُّغةِ كَلْبًا، وذكَر العقْربَ ليُنبِّهَ بها على ما يضُرُّ بالأجسامِ على جِهةِ الاختلاسِ، وكذلك ذكَرَ الحِدَأَةَ والغرابَ؛ للتَّنبيهِ على ما يضُرُّ بالأموالِ مُجاهَرةً، وذكَرَ الفأرةَ للتَّنبيهِ على ما يضُرُّ بالأموالِ اختفاءً. أو نصَّ مِن كلِّ جِنسٍ على صُورةٍ مِن أدْناه؛ تَنبيهًا على ما هو أعْلَى منها، ودَلالةً على ما كان في معناها، فنَصُّه على الحِدَأةِ والغرابِ تَنبيهٌ على البازيِّ ونحْوِه، وعلى الفأرةِ تَنبيهٌ على ما يُؤذي مِن الحشَراتِ، وعلى العقْربِ تَنبيهٌ على الحيَّةِ، وعلى الكلبِ العَقورِ تَنبيهٌ على السِّباعِ التي هي أعلى منه.
أنَّ خُزَاعَةَ قَتَلُوا رَجُلًا مِن بَنِي لَيْثٍ - عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ - بقَتِيلٍ منهمْ قَتَلُوهُ، فَأُخْبِرَ بذلكَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَرَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ، فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عن مَكَّةَ القَتْلَ، أوِ الفِيلَ - قَالَ أبو عبدِ اللَّهِ كَذَا، قَالَ أبو نُعَيْمٍ واجْعَلُوهُ علَى الشَّكِّ الفِيلَ أوِ القَتْلَ وغَيْرُهُ يقولُ الفِيلَ - وسَلَّطَ عليهم رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والمُؤْمِنِينَ، ألَا وإنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ بَعْدِي، ألَا وإنَّهَا حَلَّتْ لي سَاعَةً مِن نَهَارٍ، ألَا وإنَّهَا سَاعَتي هذِه حَرَامٌ، لا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، ولَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، ولَا تُلْتَقَطُ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، فمَن قُتِلَ فَهو بخَيْرِ النَّظَرَيْنِ: إمَّا أنْ يُعْقَلَ، وإمَّا أنْ يُقَادَ أهْلُ القَتِيلِ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ فَقَالَ: اكْتُبْ لي يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَالَ: اكْتُبُوا لأبِي فُلَانٍ. فَقَالَ رَجُلٌ مِن قُرَيْشٍ: إلَّا الإذْخِرَ يا رَسولَ اللَّهِ، فإنَّا نَجْعَلُهُ في بُيُوتِنَا وقُبُورِنَا؟ فَقَالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إلَّا الإذْخِرَ إلَّا الإذْخِرَ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 112 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث
هذا الحديثِ يَحكي أبو هُرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ قَبيلةَ خُزاعةَ قتَلوا رجُلًا مِن بني لَيثٍ بقَتيلٍ منهم قَتَلوه في الجاهليَّةِ، وكان ذلك عامَ فتْحِ مكَّةَ في السَّنةِ الثامنةِ مِن الهِجرةِ، فعَلِمَ بذلك النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فخطَبَ النَّاسَ وهو على راحلتِه -وهي ناقتُه التي يَركَبُها- ووضَّح لهم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد حبَسَ القَتْلَ أو الفِيلَ عن مكَّةَ يومَ أنْ حاوَلَ أبرهةُ الحَبشيُّ هدَمَ الكَعبةَ
وإنَّما ذكَّرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم بحادثِ الفِيلِ في مَعرضِ خُطبتِه فيهم؛ لبَيانِ حُرمةِ القتْلِ في مكَّةَ
ولم يَحِلَّ في مكَّةَ القِتالُ إلَّا وَقتَ دُخولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إيَّاها فَاتِحًا مع أصحابِه، ثُمَّ عادَتْ حُرْمَتُها كما كانتْ، وأنَّها لم تَحِلَّ لأحدٍ قبْلَه، ولنْ تَحِلَّ لأحدٍ بعدَه؛ لأنَّ تَحريمَ مكَّةَ أمْرٌ قَديمٌ، وشَريعةٌ سالفةٌ ومُستمِرَّةٌ، ليس ممَّا أحْدَثهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أو اختُصَّ بشَرْعِه، وقد عادَتْ إليها حُرمتُها بعْدَ الفتْحِ.

ثمَّ حرَّمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُقطَعَ نَباتُها؛ لا الشَّجَرُ الكِبارُ ولا الشَّجَرُ الصِّغارُ، أوِ النَّباتُ الصَّغيرُ الذي هو الحَشيشُ الرَّطبُ، إلَّا نَباتَ الإذخِرِ؛ لحاجةِ النَّاِس إليه، وهو: نَباتٌ عُشبيٌّ عَريضُ الأوراقِ، له رائحةٌ لَيمونيَّةٌ عَطِرةٌ، أزهارُه تُستَعملُ مَنقوعةً كالشَّايِ، وهو نَباتٌ نافِعٌ في حَرْقِه بَدَلًا مِنَ الحَطَبِ، ويَجعَلونَه في أسقُفِ بُيوتِهم، وكذا لِسُقُفِ قُبورِهم، فاستَثناهُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ النَّهيِ عن قَطْعِه

وحرَّمَ أنْ تُؤخَذَ لُقَطَتُها إلَّا لِمَن عرَّفها، فلا يُؤخَذُ شَيءٌ سَقَطَ مِن صاحبِه في مكَّةَ، بلْ يُترَكُ مكانَه حتَّى إذا رَجَعَ صاحبُه وجَدَه، ولا يَأخُذه إلَّا مَن نَوى أنْ يُعرِّفَه ويَحفَظَه حتَّى يَأتِيَ صاحبُه.ثم خيَّر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أولياءَ الدَّمِ بيْن قَبولِ الدِّيَةِ «العقْل» وبيْن القَوَدِ وقَتْلِ القاتلِ قِصاصًا، وذلك في قتْلِ العمْدِ؛ وإلَّا فإنَّ القتْلَ الخطَأَ لا يكونُ فيه إلَّا الدِّيةُ.

وفي هذا الموقِفِ جاءَ رَجُلٌ مِن أهْلِ اليَمَنِ -وهو أبو شاهٍ، كما في الصَّحيحينِ- فطلَبَ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يَكتُبَ له بَعضَ السُّننِ التي تَنفَعُه، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اكْتُبُوا لأبِي فُلَانٍ»، وهذا أمرٌ صَريحٌ بالكِتابةِ، وإنْ كان قد سَبَقَ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ النَّهيُ عن كِتابةِ السُّننِ، فقال أكثرُ أهلِ العِلمِ: إنَّ أحاديثَ الأمْرِ بالكِتابةِ ناسِخةٌ لأحاديثِ النَّهيِ عنها
كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، وكانَ معهُ غُلَامٌ له أسْوَدُ يُقَالُ له أنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويْحَكَ يا أنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بالقَوَارِيرِ.

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6161 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَحيمًا رفيقًا بأُمَّتِه، وخاصَّةً بالضُّعَفاءِ مِثلِ الأطفالِ والنِّساءِ.
وفي هذا الحَديثِ يروي أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في سَفَرٍ، وكان غُلامٌ يَحدُو بِهِنَّ -أي بالنِّساءِ- وكان اسمُه: أَنْجَشَةُ، والحَدْوُ: سَوْقُ الإبلِ والغِناءُ لها لتخِفَّ في الحركةِ وتُسرِعَ المشيَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «رُوَيْدَكَ» أي: أَمْهِل « بالقَوَارِيرِ»، ويقصِدُ بهِنَّ ضَعَفةَ النِّساءِ، والقَوَارِيرُ: جمعُ قَارُورُةٍ، سُمِّيت بذلك لاستِقرارِ الشَّرابِ فيها، وكَنَى عن النِّساءِ بالقَوَارِيرِ (مِن الزُّجَاج)؛ لِضَعْفِ بِنْيَتِهِنَّ ورِقَّتِهِنَّ ولَطَافَتِهِنَّ، والمعنى: تمَّهْل في سَوقِك بالجِمالِ، وسُقْ بها كما تُساقُ إذا حُمِلَ عليها القواريرُ، وتمهَّلْ؛ لأنَّ الإبِلَ إذا سمعت الحُداءَ أسرعت في المشيِ واستلذَّتْه، فأزعَجَت الراكِبَ وأتعبَتْه، فنهاه عن ذلك لأنَّ النِّساءَ يَضعُفْنَ عند شِدَّةِ الحَركةِ ويُخافُ ضَرَرُهنَّ وسُقوطُهنَّ.
وفي الحَديثِ: مَشروعيَّةُ الحُداء والترنُّم بالأرجازِ في مَواضعِها؛ مِن سَوقِ الإبلِ، وقَطْعُ الأسفارِ، وإنشادُ الرَّقيقِ مِن الشِّعرِ بالأصواتِ الحَسَنةِ.
وفيه: رَحمةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالنِّساءِ، وأمْرُ السُّوَّاقِ لمَطاياهنَّ بالرَّفقِ بهنَّ.
مَن كانَ معهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا ظَهْرَ له، وَمَن كانَ له فَضْلٌ مِن زَادٍ، فَلْيَعُدْ به علَى مَن لا زَادَ له. قالَ: فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ ما ذَكَرَ، حتَّى رَأَيْنَا أنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا في فَضْلٍ.

الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 1728 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

في الحديثِ: الحثُّ على الصَّدَقَةِ، والمُواساةِ والإحسانِ إلى الرُّفْقَةِ والأصحابِ والاعتِناءِ بِمَصالِحِهم، والسَّعْيِ في قَضاءِ حاجةِ المُحتاجِ.
أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ علَى جَبَلِ حِرَاءٍ فَتَحَرَّكَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اسْكُنْ حِرَاءُ؛ فَما عَلَيْكَ إلَّا نَبِيٌّ، أَوْ صِدِّيقٌ، أَوْ شَهِيدٌ. وَعليه النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ، رَضِيَ اللَّهُ عنْهمْ.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: [2417] | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
أَيُحِبُّ أحَدُكُمْ إذا رَجَعَ إلى أهْلِهِ أنْ يَجِدَ فيه ثَلاثَ خَلِفاتٍ عِظامٍ سِمانٍ؟ قُلْنا: نَعَمْ، قالَ: فَثَلاثُ آياتٍ يَقْرَأُ بهِنَّ أحَدُكُمْ في صَلاتِهِ، خَيْرٌ له مِن ثَلاثِ خَلِفاتٍ عِظامٍ سِمانٍ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 802 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
«أَيُحِبُّ أحدُكم إذا رَجَعَ إلى أَهْلِهِ»، أي: إذا رَجَعَ إلى بَيْتِهِ، حيث يُوجَدُ أهلُهُ وأولادُهُ
«ثَلاثَ خَلِفَاتٍ» جَمْعُ خَلِفَةٍ، وهي الحاملُ مِنَ النُّوقِ، وهي مِن أَعَزِّ أموالِ العربِ.
خَمِّرُوا الآنِيَةَ، وأَوْكُوا الأسْقِيَةَ، وأَجِيفُوا الأبْوَابَ واكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ العِشَاءِ، فإنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وخَطْفَةً، وأَطْفِئُوا المَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ، فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ رُبَّما اجْتَرَّتِ الفَتِيلَةَ فأحْرَقَتْ أهْلَ البَيْتِ، قالَ: ابنُ جُرَيْجٍ وحَبِيبٌ، عن عَطَاءٍ فإنَّ لِلشَّيَاطِينِ.

الراوي : جابر بن عبدالله.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3316.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، وأَغْلِقُوا البابَ، وأَطْفِئُوا السِّراجَ؛ فإنَّ الشَّيْطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَفْتَحُ بابًا، ولا يَكْشِفُ إناءً، فإنْ لَمْ يَجِدْ أحَدُكُمْ إلَّا أنْ يَعْرُضَ علَى إنائِهِ عُودًا، ويَذْكُرَ اسْمَ اللهِ، فَلْيَفْعَلْ؛ فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ تُضْرِمُ علَى أهْلِ البَيْتِ بَيْتَهُمْ [وفي روايةٍ لم يَذْكُر قوله]: وأَغْلِقُوا البابَ.
وفي رِوايةٍ: قالَ: وأَكْفِئُوا الإناءَ، أوْ خَمِّرُوا الإناءَ.

الراوي: جابر بن عبدالله.
المحدث: مسلم.
المصدر: صحيح مسلم.
الصفحة أو الرقم: 2012.
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].


شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ناصحًا أُمَّتَه: «غَطُّوا الإناءَ» أي: اجْعَلوا فوْقَ كُلِّ إناءٍ فيهِ طَعامٌ أوْ شَرابٌ غِطاءً، «وَأَوْكُوا السِّقاءَ» مِن الإيكاءِ، وهو: الشَّدُّ والرَّبطُ، والوِكاءُ: اسمُ ما يُشَدُّ بهِ فَمُ القِرْبةِ، والسِّقاءُ: ما يُوضَعُ فيهِ الماءُ أو اللَّبِنُ ونحوُ ذَلِكَ، مِثلُ القِرَب الَّتي تَحْفَظُ الماءَ، والمقصودُ: ارْبِطوا أَفْواهَ القِرَبِ بِرِباطٍ؛ مِن أَجْلِ حِفْظِ ما فيها مِن الماءِ وغيرِه، وفي رِوايةٍ: «وَأكْفِئُوا الإناءَ»، أي: اقْلِبُوا الإناءَ، واجْعَلوا فتْحَتَه لأَسْفَلَ؛ وذلكَ إذا كان فارغًا، وفي أُخرى: «خَمِّروا الإناءَ»، أي: غَطُّوا الإناءَ بشَيْءٍ.

وأرشَدَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى إغلاقِ أبوابِ البيوتِ، وألَّا تُترَكَ مَفتوحةً باللَّيلِ، وأنْ يُطفَأَ السِّراجُ، وهي المصابيحُ الَّتي كانت تُوقَدُ بالنَّارِ، فلا يَترُكَها الإنسانُ مُشتعِلةً ويَنامُ عنها؛ ثمَّ علَّل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيَّن أنَّ الشَّيطانَ إذا وَجَدَ قِرْبَةً مَرْبوطَةً فإنَّه لا يَفُكُّ رِباطَها، وكذلك فإنَّ الشَّيطانَ إذا وجَد بابًا مُغلَقًا فإنَّه لا يفتحُهُ، وإذا وَجَد إناءً مُغَطًّى فإنَّه لا يَكشِفُه.
وإذا لم يَجِدِ الإنسانُ ما يُغَطِّي به إناءَهُ فَلْيَضَعْ عليه أيَّ شَيْءٍ، ولو عُودًا مِن حَصِيرٍ، أو عصًا، وما شابَهَ ذلك، ويَذْكُرِ اسْمَ اللهِ على الإناءِ، والسَّببُ في ذلك «أنَّ الفُوَيْسِقَةَ» وهي الفَأْرَةَ، تَصغيرُ فاسقٍ، مِنَ الفِسْقِ، وهو الخُروجُ، سُمِّيَت بذلك؛ لخُروجِها عن مُعظمِ غيرِها منَ الحَشراتِ بالإيذاءِ والإفسادِ، «تُضْرِمُ»، أي: تُشْعِلُ النَّارَ، على أَهْلِ البيتِ، فتُحَرِّكُ المِصْباحَ المُشْتَعِلَ وَأَهْلُ البيتِ نِيَامٌ، فَتُحْرِقُ البيتَ على أهلِهِ.

وفي الحديثِ:
الحثُّ على ذِكرِ اللهِ تعالَى.
وفيه: الأخذُ بالأسبابِ مع التَّوكُّلِ الكاملِ على اللهِ تعالَى.
وفيه: إبرازُ أهمِّيَّةِ الاحترازِ مِن كلِّ ما يَضُرُّ المسْلمَ ماديًّا ومعنويًّا.
ما مِنكُم أحَدٌ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ ليسَ بيْنَهُ وبيْنَهُ تُرْجُمانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ مِن عَمَلِهِ، ويَنْظُرُ أشْأَمَ منه فلا يَرَى إلَّا ما قَدَّمَ، ويَنْظُرُ بيْنَ يَدَيْهِ فلا يَرَى إلَّا النَّارَ تِلْقاءَ وجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرَةٍ. وفي رواية: ولو بكلمة طيبة

الراوي : عدي بن حاتم الطائي | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 7512 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

وليس بيْنَه وبيْنه تَرْجُمانٌ يُتَرجِمُ له»، أي: ليس بيْنه وبيْن اللهِ سُبحانه واسِطةٌ، والتَّرجُمانُ هو ناقِلُ الكَلامِ مِن لُغةٍ إلى لُغةٍ أُخْرى،

ثمَّ يَنظُرُ الرَّجلُ عن يَمينِه فلا يَرى إلَّا جَهنَّمَ، ويَنظُرُ عن يَسارِه، فلا يَرى إلَّا جَهنَّمَ؛ لارتِكابِه السَّيِّئاتِ، والظَّاهرُ أنَّ هذا كِنايَةٌ عنِ الإحاطةِ، وأنَّ الخَلاصَ منها ليس إلَّا بالمُرورِ عليها، كما قال تعالَى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} [مريم: 71، 72].
ثمَّ أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المسلمَ أنْ يَجعَلَ بيْنه وبيْن النَّارِ حاجِزًا منَ الصَّدَقةِ، ولو أنْ يَتصدَّقَ بنِصفِ تَمرةٍ، فإنْ لم يَجِدْ ما يَتصدَّقُ به، فلْيَتصدَّقْ بكَلمةٍ طيِّبةٍ تَطِيبُ بها النَّفْسُ، وفيها تَطْييبٌ لقُلوبِ النَّاسِ، وهذا يدُلُّ على أنَّ الكَلمةَ الطَّيِّبةَ صَدَقةٌ، يُتَّقى بها النَّارُ، كما أنَّ الكَلمةَ الخَبيثةَ تُوجِبُ النَّارَ؛ فعلى المُسلِمِ ألَّا يَحتقِرَ مِن الصَّدَقةِ شيئًا، ولو كان قَليلًا؛ فإنَّه يَنفَعُ المُتصدِّقَ، ويَنفَعُ المُتصَدَّقَ عليه.
أَثْنَى رَجُلٌ علَى رَجُلٍ عِنْدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: ويْلَكَ، قَطَعْتَ عُنُقَ أخِيكَ - ثَلَاثًا - مَن كانَ مِنكُم مَادِحًا لا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أحْسِبُ فُلَانًا، واللَّهُ حَسِيبُهُ، ولَا أُزَكِّي علَى اللَّهِ أحَدًا، إنْ كانَ يَعْلَمُ

الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6162 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
تَزكيةُ النَّاسِ بالخيرِ أو ذَمِّهم بالشَّرِّ أمرٌ خَطيرٌ، وقدْ وَضَعَ الإسلامُ ضَوابطَ لذلك، فجَعَلَ مَعرفةَ الموصوفِ مَعرفةً جيِّدةً شَرْطًا في وَصْفِه بالخيرِ أو الشَّرِّ، كما حذَّرَ مِن وصْفِ الإنسانِ بما ليس فيه، وغيرِ ذلك.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أبو بَكرةَ نُفيعُ بنُ الحارثِ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رجُلًا مَدَح رَجلًا آخَرَ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ويلَك! -وهي كَلمةٌ لا يُرادُ بها الدُّعاءُ على الشَّخصِ، ولكِنْ يُرادُ بها الزَّجرُ أو الحثُّ على شَيءٍ معيَّنٍ، وهي كَلمةُ تَرحُّمٍ وتَوجُّعٍ تُقالُ لمَن وقَعَ في هَلَكةٍ لا يَستحِقُّها- قطَعتَ عُنُقَ صاحِبِك، أي: أهْلَكْتَه وأضرَرْتَ به، فربَّما جَرَّه ذلك المدحُ إلى العُجبِ والغُرورِ، فيُصبِحُ كالمقطوعِ الرَّأسِ المتوقِّفِ عن الحركةِ، يُكرِّرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا القولَ كَثيرًا؛ تَحذيرًا وتَنبيهًا لهَولِ الكلمةِ، ثمَّ بيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّه إذا كان لا بُدَّ مِن المدْحِ؛ لأنَّ المَقامَ يَقتضي الثَّناءَ عليه اقتضاءً شَرعيًّا، كتَزكيةِ الشَّاهدِ مَثلًا، أو لا بُدَّ مِن الثَّناءِ عليه لمَصلحةٍ مَشروعةٍ أُخرى، فلْيَقُلْ: «أحسِبُ فلانًا، واللهُ حَسيبُه، ولا أُزكِّي على الله أحدًا، أحسِبُه كذا وكذا، إنْ كان يَعلَمُ ذلك منه»، فلْيَقتصِرْ على وَصْفِه بما يَعلَمُ فيه مِن خِصالِ الخيرِ الموجودةِ، ويَقولُ أثناءَ وصْفِه له: أحسِبُه رجلًا عدْلًا، أو صالحًا، أو كَريمًا مَثلًا، فلا يَقطَعُ ولا يَجزِمُ بعاقبةِ أحدٍ بخَيرٍ أو غيرِه؛ لأنَّ اللهَ يَعلَمُ سِرَّه، وهو الذي يُجازِيه؛ إنْ خَيرًا فخَيرًا، وإنْ شرًّا فشَرًّا، ولا يَقُلْ: أتيقَّنُ ولا أتحقَّقُ أنَّه مُحسِنٌ، جازمًا به.
أَلا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ قُلْنا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فقالَ: ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، ألا وقَوْلُ الزُّورِ، وشَهادَةُ الزُّورِ فَما زالَ يقولُها، حتَّى قُلتُ: لا يَسْكُتُ.

الراوي : أبو بكرة نفيع بن الحارث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5976 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ، ما أدْنَى أهْلِ الجَنَّةِ مَنْزِلَةً، قالَ: هو رَجُلٌ يَجِيءُ بَعْدَ ما أُدْخِلَ أهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، فيُقالُ له: ادْخُلِ الجَنَّةَ، فيَقولُ: أيْ رَبِّ، كيفَ وقدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنازِلَهُمْ، وأَخَذُوا أخَذاتِهِمْ، فيُقالُ له: أتَرْضَى أنْ يَكونَ لكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِن مُلُوكِ الدُّنْيا؟ فيَقولُ: رَضِيتُ رَبِّ، فيَقولُ: لكَ ذلكَ، ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ ومِثْلُهُ، فقالَ في الخامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ، فيَقولُ: هذا لكَ وعَشَرَةُ أمْثالِهِ، ولَكَ ما اشْتَهَتْ نَفْسُكَ، ولَذَّتْ عَيْنُكَ، فيَقولُ: رَضِيتُ رَبِّ، قالَ: رَبِّ، فأعْلاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قالَ: أُولَئِكَ الَّذِينَ أرَدْتُ غَرَسْتُ كَرامَتَهُمْ بيَدِي، وخَتَمْتُ عليها، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ، ولَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ، ولَمْ يَخْطُرْ علَى قَلْبِ بَشَرٍ، قالَ: ومِصْداقُهُ في كِتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ: {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لهمْ مِن قُرَّةِ أعْيُنٍ} [السجدة: 17].

الراوي: المغيرة بن شعبة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: [189] | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

شرح الحديث:
• «أولَئِكَ الَّذين أردْتُ»: الَّذينَ اختَارَهُمُ اللهُ واصطَفاهُم.

• «غرَسْتُ كَرامتَهم بيَدي، وختَمْتُ عليها»: ومَعنَى ذلك أنَّهُم مَن ممن تَولَّاهُمُ اللهُ؛ فلا يَتطرَّقُ إلى كَرامَتِهِم تَغييرٌ.

• {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17]: أي فلا يَعلَمُ أحَدٌ عَظَمةَ ما أخْفى اللهُ تَعالَى لهم في الجنَّاتِ منَ النَّعيمِ المُقيمِ، واللَّذَّاتِ التي لم يَطَّلِع على مِثلِها أحدٌ ممَّا تَقَرُّ وتُنَعَّمُ به أعيُنُهم، وهو كِنايةٌ عنِ السُّرورِ؛ وذلك لأنَّهُم لمَّا أخفَوا أعمالَهُم، أخْفى اللهُ لهم منَ الثَّوابِ جَزاءً وِفاقًا؛ فإنَّ الجَزاءَ من جِنسِ العَملِ.

وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ الجنَّةَ دَرَجاتِ.

وفيه: ثُبوتُ صِفةِ اليدِ للّه عزَّ وجلَّ على ما يَليقُ بذاتِ وجَلالِه؛ من غَيرِ تَشبيهٍ أو تَعطيلٍ.
أنَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه علَيهِ وسلَّمَ أخذَ بيدِهِ، وقالَ: يا مُعاذُ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّكَ، واللَّهِ إنِّي لأحبُّك، فقالَ: أوصيكَ يا معاذُ لا تدَعنَّ في دُبُرَ كلِّ صلاةٍ تقولُ: اللَّهمَّ أعنِّي على ذِكْرِكَ، وشُكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ

الراوي: معاذ بن جبل | المحدث : أبو داود | المصدر: سنن أبي داود

الصفحة أو الرقم: 1522 | خلاصة حكم المحدث: صحيح

#أذكار
كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَارٍ، فَنَزَلَتْ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا}، فإنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِن فِيهِ، إذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ مِن جُحْرِهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا لِنَقْتُلَهَا، فَسَبَقَتْنَا فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كما وُقِيتُمْ شَرَّهَا.
وعَنْ إسْرَائِيلَ، عَنِ الأعْمَشِ، عن إبْرَاهِيمَ، عن عَلْقَمَةَ، عن عبدِ اللَّهِ، مِثْلَهُ، قالَ: وإنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِن فيه رَطْبَةً.

الراوي : عبدالله بن مسعود.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3317.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


شرح الحديث:
بيْنَما نَحْنُ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غَارٍ بمِنًى، إذْ نَزَلَ عليه: (والمُرْسَلَاتِ) وإنَّه لَيَتْلُوهَا، وإنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِن فِيهِ، وإنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بهَا؛ إذْ وثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْتُلُوهَا. فَابْتَدَرْنَاهَا، فَذَهَبَتْ، فَقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كما وُقِيتُمْ شَرَّهَا.

الراوي: عبدالله بن مسعود.
المحدث: البخاري.
المصدر: صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 1830.
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
التخريج: أخرجه البخاري (1830)، ومسلم (2234).

------------------------
بيَّنَ اللهُ عزَّ وجلَّ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَحِلُّ للمُحرِمِ فِعلُه، وما يَحرُمُ عليه، ونَقَلَ ذلك الصَّحابةُ الكرامُ رَضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّهم كانوا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في غارٍ بمِنًى، وهذا إشارةٌ إلى إحرامِهِم، ومِنًى وادٍ قُربَ الحَرَمِ المَكِّيِّ، يَنزِلُه الحُجَّاجُ لِيَبيتوا فيه يومَ التَّرويةِ وأيَّامَ التَّشريقِ، ويَرْموا فيه الجِمارَ، وأثناءَ وُجودِه معه نزَلَ الوحْيُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بسُورةِ (المُرسَلاتِ)، فتلقَّاها عبدُ اللهِ بنُ مسعود رَضيَ اللهُ عنه مِن فَمِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُباشرةً، ولا يَزالُ فمُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَطْبًا لم يَجِفَّ رِيقُه بها -وهذا كِنايةٌ عن سُرعةِ أخْذِهم على الفورِ حِين سَمِعوه وهو يَقرَأُ، مِن غيرِ تَأخيرٍ ولا تَوانٍ- فاجأَتْهم حَيَّةٌ، فوَثَبَتْ نَحْوَهم، فحَثَّهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على قتْلِها، وفي رِوايةِ مُسلِمٍ: «أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ مُحرِمًا بقتْلِ حيَّةٍ بمِنًى»؛ فهو تأكيدٌ لتلبُّسِهم بالإحرامِ، فأسْرَعوا إليها -استجابةً لأمْرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لِيَقتُلوها، فلمَّا لم يَتمكَّنُوا منها واستطاعَتِ الهرَبَ، قال لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وُقِيَتْ شَرَّكم، ووُقِيتُم شَرَّها، أي: إنَّ اللهَ سلَّمها منكم كما سلَّمكم منها، ولم يَلحَقْها ضرَرُكم، كما لم يلحَقْكم ضررُها.
وفي هذا تَلطُّفُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الخِطابِ، وإزالةُ ما في النُّفوسِ؛ لأنَّه لا شكَّ أنَّ الصَّحابةَ لَمَّا ابتدَرُوها وفاتَتْهم، صار في نُفوسِهم شَيءٌ: كيف لم نُدرِكْها فنَفعَلَ ما أمَرَنا به النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟! فقال لهم: إنَّها وُقِيَتْ شَرَّكم كما وُقِيتُم شَرَّها، فهذه بتلك.

وفي الحَديثِ:
بَيانُ وقْتِ ومَوضعِ نُزولِ سُورةِ (المُرْسلاتِ).
وفيه: مَشروعيَّةُ دفْعِ المحرِمِ للأذى عن نفْسِه أو مَن حَولَه.
وفيه: مَشروعيَّةُ قتْلِ الحَيَّةِ في الحرَمِ.