واليَومِ عنِدمَا أَنظُرُ حَولِي لا أَجِدُ سِوى الكَثير مِن الخراب، ذَات الخرَاب الذّي خُفتُه واختبأتُ مِنهُ ليالٍ طِوال حَتَى عَلمَنِي الدَهر أن كُلّ مَا تَخشَاه آتٍ لا مُحَال.
أَتصَفحُ وجهِي في المرآة بَعدَ الكَثيرِ من التَفكير فَلا أَرَى إلا الكَثير من الضَباب الفَوضَوي المَليء بِذَاكرة مُحطَمَة لا تَعِي شَيئًا سِوى نَفسِي.
أَخَافُ مِنهَا فَأَجلِسُ أَرضًا مُنحنيًا مُتقوقعًا عَلَى نَفسِي خَوفًا مِن انجرَافٍ قَد يُعيدُنِي لنُقطَة صِفرٍ لَم أُدرك مِنهَا إِلا الكَثير مِن المَواجِع المُحَطًمَةَ، اَيُعقَل أَن يَخَافُ المَرءُ نَفسَه؟
أَسكُت، أُدَثرُ نَفسِي بِكَلمَاتٍ اعتَادتهَا رُوحِي ثُمّ أَعودُ إلَى تِلكَ الزَاوية مُنقبضُ عَلَى نَفسِي مُنجَرفُ فِي عَالَم لا أَعِي مِنَهُ سِوى غُبَار مِن رَمَاد احترَاقِي القَديم.

ماذا لو أخيرًا جمعتنا بغداد
أنا وأنتِ وشتاء بغداد المعتدل أحيانًا والبارد غالبًا
أو ربُما يجمعنا أحد شوارع بغداد
وأكون حينها في المدينة الأحب على قلبي
ومع الشخص الأقرب إلي
أغفو حينها عليكِ أقترب منكِ
وأهمس في أذنك أن بغداد لم تعد تسعني!
أُريد أن احلق في سمائها أيضًا
نشرب الشاي في المكان الأشهر بها
نشرب من نفس الكأس رشفة منكِ لا من الكأس
نتحدث حديثًا مطولا عن اللاشيء
عن سخافة هذهِ الحياة
وعن جمال عينيكِ وعن ضجيج مدينتنا التي لا تهدأ
تمطر أخيرًا فتفوح رائحة هذهِ التُربة
نرقص مع قطرات المطر، على صوت ماجدة الرومي وهي تقول "يسمعني حين يراقصني، كلمات ليست كالكلمات، يأخذني من تحتِ ذراعي يزرعني في إحدى الغيمات، والمطر الأسود في عيني يتساقط زخات زخات"
ونقرأ الكتب معًا في أحد شوارع المتنبي
أعانقكِ طويلاً، أقبلكِ ربما من شفتيكِ، وغالبًا على وجنتيكِ بلا هوادة
فأنا في المدينة الأحب ومع الشخص الأقرب
متى تصبح أمانينا واقعًا في بغداد؟

-

بَينَ ثَنَايا الأَشيَاء تَقَبَع الإكتَشافَات، فَتَارةَ تَكتَشف أَنَّ كُلّ مَا ادعيتَ وِعيه مَا هو إلِا كذبَة تَسلَلَت إلى أَعمَاقك مَع مُعتقَدَات الفَناء، وتَارةً تُدرك أَنَّك لَم تَكتَشف شَيء سِوى حِطامكَ المُختَبئ بردَاء السَعَادة الأَبديَّة، وأَخرَى تَكتَشِف أَنّك أَنتَ الكذبِة المُؤقتة. كَذبِة تجَاهلتَها لكي لا تَقَع فِي هَواجس الإِنسان السقيمَة حَتى سَلكت طَريقه بِإِرادتك مُنتحبًا عَلَى ذكريَات لَم تَكُن سِوى لحظاتٍ عَابِرة.

اليَوم تَوقفتُ أَمَام قَبره، تَأملتُه ورُحتُ أَجولُ برُوحِي، المكَان مُوحِش، الَمَكان خَالٍ من الزُوار، مَليء بعَبثية الحَياة ووحدتهَا، كَيفَ أَنَّك ستُعَانق التُرَاب طَوال حَياتك وحَتَى بَعدَ مَمَاتك، كَيفَ أَنَّك رُغمَ كُلّ سَعيك عَن الأحبَاء ستُضحِي وحيدًا لا شَيء مَعكَ سِوى الكَثير مِن الأَعمال، ستَلتَفِت سِنينًا وتَبحَث عَن كُلّ مَن ضَحيتَ برُوحكَ لأجلهم ولَن تَرَى سِوى سَرَابًا وأَشلاءًا تُعانَق تُرَاب الدُنيا خَوفًا مِن حَقيقَة حَارقَة، سَتعِي أَنَّك لا شَيء فِي النهَاية سِوى جَسَد يَعشَق مُسمَيات التُرَاب، فمَا السرُّ فِيه؟ ومَا السِرُّ فِينَا؟

في أوردَتي أنين سبايا الطف، أندبك بأرواح الملحدين بعد إيمانهم متى يَعود الطينُ إلى رَبه..

الواحدةٌ بعد منتصف الليل .. راودني تساؤل غريب الأطوار بعض الشيء ألا وهو : لماذا الحب موجود؟ وما الغاية منه؟ على الرغم من كل ما يتسبب به الحب من آلام نفسية وحسية ومعنوية وإن لم تكن جسدية أيضًا ، لماذا نبقى متعطشين ومتلهفين للحب مرارًا وتكرارًا؟ مع علم كِلا الطرفين بوجود نهاية مؤلمة للحب ، بالرغم من ذلك نشرغ بالانغماس في ملذات الحب البدائية التي عاجلًا أو آجلًا ستلقي بنا سبعينَ خريفًا في الجحيم اللعين وجزاءٌ ذلك سيستغرق منا عمرًا كاملًا لمداواة جِراحنا التي تسببنا فيها لبعضنا البعض .. لماذا العناء يا إنسان؟

كُل شيء عَلى ما يُرام
حَتى يحل الَمساء
لأجد نفسَي أو لا أجدَها أساسًا
غارق بقطرة شَوق
تعصف بي الذكَريات إلى الغُربه
السيجارة تشتعل من احِتراقي
حتى يغفو الليل وأبقى أنا مُستقيظ أسمع أحدهم ينُادي
"ينُادي هَاجس بَروحي"
انا أيضًا أُنادي لكن لِمن؟
أريد النجاة
فَـ كريم قد أحضر حبَاله الصِوتيه اللَيله
يُريد شنقي !

مُجددًا... أشعر وكاني أملك لعنة الفقدان، فكل من يتقرب مني يبدأ بالابتعاد؟

بغداد آه منكِ من غيركِ يستحق مكانًا في قلبي؟

ماصخ مستحاهم وانه مالح طيب
اليتبدى ويه غيري بروحي مالمه.

واليوم بعد قراركِ
أشتهي اليوم نسيانكِ، وإبعاد ملامحكِ عن ذاكرة عيني..
أشتهي إفراغكِ مني، والمشي لمسافاتٍ طويلة وحدي
أتعبني نمو جذوركِ في، أشعر باقتراب إنفجاري
احتاج الى نزعكِ والتوقف عن عشقكِ أو حتى أخذ هدنة منكِ!
أحتاج إلى الهروب، إلى عدم البوح مُجددًا بعد فترة طويلة من الكتمان ثم التكلم ثم العودة لهُ، يُصاحبنا الكتمان، وإن تركنا لفترة، احتاج إلى عدم النظر إليكِ مُجددًا علميني كيف؟
لا أعرف كيف سيحدث ذلك لكنني أشتهي حدوثه بقدر ما اشتهيكِ.
"شويه شويه صرت تسحب ايدك من ايديا"

هنيالكم عدكم گلب ينسى العشك هنيالكم
وهنيالكم تحبون بس مو من صدك هنيالكم..

أغارُ عليكِ من الطفل الذي كُنتِ ستلدينه لي.
وأغار عليكِ من الطفل الذي يعتبركِ مفضلته ويريدكِ مستقبلاً.
من المرآة التي ترسل لكِ تهديدكِ بجمالكِ.
من شُعوري بالنقص أمامكِ.
من حُبكِ لي.
من تقرب الآخرين إليكِ.
من فنائي فيكِ.
مما أكتب عنكِ كأنني أرتكب فضيحة.
من العذاب الذي أعانيه فيكِ، من العذاب الأكثر بلاغةً من المتعذّبين.
من صوتكِ من نومكِ من وضع يدكِ في يدي.
من لفظ اسمكِ.
من جهل الآخرين إني أحبّكِ، من معرفة الآخرين إني احبكِ!
من جهل الآخرين إني أغار عليكِ
ومن معرفة الآخرين إني أغار عليكِ.