أبو محمد الحنبلي
2.85K subscribers
347 photos
95 videos
72 files
483 links
﴿فللَّهِ الحمدُ ربّ السموات وربّ الأرضِ ربّ العالمين﴾
للتواصل
https://t.me/B9Bot?start=6506675990
Download Telegram
قال #ابن_القيم رحمه الله:

"بل الكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق، كالعلم، والشجاعة، والزهد، والعفة، والحلم، والمروءة، والصبر، والإحسان، كما قال:

لولا المشقة ساد الناس كلهم...
الجود يفقر والإقدام قتّالُ


وإذا كانت الآلام أسباباً للذات أعظم منها وأدوم كان العقل يقضي باحتمالها."


وقال:

"وقد حجب الله - سبحانه - أعظم اللذات بأنواع المكاره، وجعله جسرا موصلًا إليه، كما حجب أعظم الآلام بالشهوات واللذات وجعلها جسرا موصلًا إليها...

ولهذا قالت العقلاء قاطبة: إن النعيم لا يدرك بالنعيم، وإن الراحة لا تنال بالراحة، وإن من آثر اللذات فاتته اللذات؛ فهذه الآلام والمشاق من أعظم النعم إذ هي من أسباب النعم".

- شفاء العليل (٤٩٨-٤٩٩)
من بدائع ابن القيم في دلائل صحة ما جاء به النبي ﷺ!

﴿فَلَوۡلَاۤ إِذَا بَلَغَتِ ٱلۡحُلۡقُومَ (٨٣) وَأَنتُمۡ حِینَىِٕذࣲ تَنظُرُونَ (٨٤) وَنَحۡنُ أَقۡرَبُ إِلَیۡهِ مِنكُمۡ وَلَـٰكِن لَّا تُبۡصِرُونَ (٨٥)﴾ [الواقعة ٨٣-٨٥]


قال الإمام #ابن_القيم رحمه الله:

"ثم ختم السورة بأحوالهم عند القيامة الصغرى كما ذكر في أولها أحوالهم في القيامة الكبرى وقسمهم إلى ثلاثة أقسام كما قسمهم هناك إلى ثلاثة،

- وذكر بين يدي هذا التقسيم الاستدلال على صحته وثبوته بأنهم مربوبون مدبرون مملوكون فوقهم رب قاهر مالك يتصرف فيهم بحسب مشيئته وإرادته وقررهم على ذلك بما لا سبيل لهم إلى دفعه ولا إنكاره فقال ﴿فلولا إذا بلغت الحلقوم﴾ أي وصلت الروح إلى هذا الموضع بحيث فارقت ولم تفارق فهي برزخ بين الموت والحياة كما أنها إذا فارقت صارت في برزخ بين الدنيا والآخرة ملائكة الرب تعالى أقرب إلى المحتضر من حاضريه من الإنس ولكنهم لا يبصرون بهم فلولا تردونها إلى مكانها من البدن أيها الحاضرون إن كان الأمر كما تزعمون أنكم غير مجزيين ولا مدينين ولا مستوعبين ليوم الحساب.

- فإن قيل أي ارتباط بين هذين الأمرين حتى يلازم بينهما؟

- قيل: هذا من أحسن الاستدلال وأبلغه فإنهم: إما أن يقروا بأنهم مربوبون مملوكون عبيد لمالك قادر متصرف فيهم قاهر آمر ناه، أو لا يقرون بذلك،

- فإن أقروا به لزمهم القيام بحقه عليهم وشكره وتعظيمه وإجلاله وأن لا يجعلوا له ندًا ولا شريكًا وهذا هو الذي جاءهم به رسوله ونزل عليه به كتابه.

- وإن أنكروا ذلك وقالوا إنهم ليسوا بعبيد ولا مملوكين ولا مربوبين وأن الأمر إليهم يردون الأرواح إلى مقارها إذا بلغت الحلقوم فإن المتصرف في نفسه الحاكم على روحه لا يمتنع منه ذلك بخلاف المحكوم عليه المتصرف فيه غير المدبر له سواء الذي هو عبد مملوك من جميع الجهات.

- وهذا الاستدلال لا محيد عنه ولا مدفع له ومن أعطاه حقه من التقرير والبيان انتفع به غاية النفع وانقاد لأجله للعبودية وأذعن ولم يسعه غير التسليم للربوبية والإلهية والإقرار بالعبودية ولله ما أحسن جزالة هذه الألفاظ وفصاحتها وبلوغها أقصى مراتب البلاغة والفصاحة والاختصار التام وندائها إلى معناها من أقرب مكان واشتمالها على التوبيخ والتقرير والإلزام ودلائل الربوبية والتوحيد والبعث وفصل النزاع في معرفة الروح وأنها تصعد وتنزل وتنتقل من مكان إلى مكان...[....]،

- فتضمنت الآيتان تقريرًا وتوبيخًا واستدلالًا على أصول الإيمان من وجود الخالق سبحانه وكمال قدرته ونفوذ مشيئته وربوبيته وتصرفه في أرواح عباده حيث لا يقدرون على التصرف فيها بشيء وأن أرواحهم بيده يذهب بها إذا شاء ويردها إليهم إذا شاء ويخلي أبدانهم منها تارة ويجمع بينها وبينهما تارة وإثبات المعاد وصدق رسوله فيما اخبر به عنه وإثبات ملائكته وتقرير عبودية الخلق."
- الداء والدواء للإمام #ابن_القيم رحمه الله
#منقول
قال #ابن_القيم في ((إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان)) (٢١٨/١) :

ومن كيد [الشيطان]... وكذلك ترى أحدهم لا يصلي إلا على سجادة، ولم يصل رسول الله ﷺ على سجادة قط، ولا كانت السجادة تفرش بين يديه، بل كان يصلي على الأرض، وربما سجد في الطين، وكان يصلي على الحصير، فيصلي على ما اتفق بسطه، فإن لم يكن ثمة شيء صلى على الأرض.
ومن أسمائه جل جلاله: الكافي.

وهو الذي كفاية الخلق كل ما أهمهم بيده سبحانه وتعالى، وهي نوعان:

كفاية عامة: التي كفى بها جميع المخلوقات وقام بإيجادها وإمدادها وإعدادها لكل ما خلقت له، وهيأ للعباد من جميع الأسباب ما يغنيهم ويُطعمهم ويَسقيهم.

وكفاية خاصة؛ للمتوكلين، وقيامه بإصلاح أحوال المتقين ﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾، أي: كافيه كل أموره الدينية والدنيوية.

وإذا توكل العبد على ربه حق التوكل بأن اعتمد بقلبه على ربه اعتمادا قويًا كاملا في تحصيل مصالحه ودفع مضاره، وقويت ثقته بالله وحَسُنَ ظنه بربه؛ حصلت له الكفاية التامة، وأتم الله له أحواله وسدده في أقواله وأفعاله، وكفاه همه وكشف غمه.

قال بعض السلف: جعل الله تعالى لكل عمل جزاءً من جنسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفسَ كفايته لعبده، فقال: ﴿ومن يتوكل على الله فهو حسبه﴾، ولم يقل: نؤته كذا وكذا من الأجر، كما قال في الأعمال.

قال #ابن_القيم رحمه الله: فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له مخرجا من ذلك وكفاه ونصره.اه‍ من مختصر فقه الأسماء الحسنى بتصرف.

#نبذة_عن_أسماء_الله_وصفاته
ومن أسمائه جل جلاله: العزيز والأعز.

قال #ابن_القيم رحمه الله:
وهو العزيز فلن يُرام جنابه
أنى يُرام جناب ذي السلطان
وهو العزيز القاهر الغلاب لمْ
يغلبه شيء هذه صفتان
وهو العزيز بقوة هي وصفه
فالعز حينئذ ثلاث معان
وهي التي كملت له سبحانه
من كل وجه عادم النقصان

فالعز ثلاث معان هي التي ذكرها الإمام ابن القيم رحمه الله،

وهي عزة القدر وأن الله لا نظير له سبحانه، وعزة القهر والغلبة وأنه ذو القوة المتين، وعزة الامتناع وأنه منيعٌ فلن يُرام(يُطلب) جنابُه جل جلاله.

ويقول الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
العزيز الذي له العزة كلها عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، فممتنع أن يناله أحد من المخلوقات وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته.

#نبذة_عن_أسماء_الله_وصفاته
ومن أسمائه جل جلاله: المعطي المانع.

قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله:
فهو المعطي المانع: لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، فجميع المصالح والمنافع منه تطلب، وإليه يرغب فيها، وهو الذي يعطيها لمن شاء ويمنعها من يشاء بحكمته ورحمته.

قال #ابن_القيم رحمه الله:
والهدى والرحمة وتوابعهما من الفضل والإنعام كله من صفة العطاء، والإضلال والعذاب وتوابعهما من صفة المنع، وهو سبحانه يصرف خلقه بين عطائه ومنعه، وذلك كله صادر عن حكمةٍ بالغةٍ ومُلكٍ تامٍّ وحمدٍ تامٍّ؛ فلا إله إلا الله.

#نبذة_عن_أسماء_الله_وصفاته
قال #ابن_القيم في ((الفوائد)) :

قاعدة

للعبد بين يدي الله موقفان: موقفٌ بين يديه في الصلاة، وموقفٌ بين يديه يوم لقائه. فمن قام بحق الموقف الأول هُوِّن عليه الموقف الآخر، ومن استهان بهذا الموقف ولم يُوفِّه حقَّه شُدِّد عليه ذلك الموقف.

قال تعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيلًا طَويلًا ۝٢٦ إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ۝٢٧﴾ [الإنسان: ٢٦ - ٢٧].
قاعدة نفيسة ذكرها الإمام #ابن_القيم رحمه الله!

قال رحمه الله:

فالنفس لا تكون إلا مريدة عاملة، فإن لم توفق للإرادة الصالحة وإلا وقعت فى الإِرادة الفاسدة والعمل الضار؛ وقد قال تعالى: ﴿إن الإنسان خلق هلوعاً إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعًا إلا المصلين﴾ فأَخبر تعالى أَن الإنسان خلق على هذه الصفة، وأن من كان على غيرها فلأَجل ما زكاه الله به من فضله وإِحسانه.
Forwarded from ___
قال #ابن_القيم رحمه الله :

أهل القرآن هم العالمون به والعاملون بما فيه وإن لم يحفظوه عن ظهر قلب

وأما من حفظه ولم يفهمه ولم يعمل بما فيه ،

فليس من أهله وإن أقام حروفه إقامة السهم



[ زاد المعاد (١ / ٢٣٦) ]
قال #ابن_القيم رحمه الله:

"بل الكمالات الإنسانية لا تنال إلا بالآلام والمشاق، كالعلم، والشجاعة، والزهد، والعفة، والحلم، والمروءة، والصبر، والإحسان، كما قال:

لولا المشقة ساد الناس كلهم...
الجود يفقر والإقدام قتّالُ


وإذا كانت الآلام أسباباً للذات أعظم منها وأدوم كان العقل يقضي باحتمالها."


وقال:

"وقد حجب الله - سبحانه - أعظم اللذات بأنواع المكاره، وجعله جسرا موصلًا إليه، كما حجب أعظم الآلام بالشهوات واللذات وجعلها جسرا موصلًا إليها...

ولهذا قالت العقلاء قاطبة: إن النعيم لا يدرك بالنعيم، وإن الراحة لا تنال بالراحة، وإن من آثر اللذات فاتته اللذات؛ فهذه الآلام والمشاق من أعظم النعم إذ هي من أسباب النعم".

- شفاء العليل (٤٩٨-٤٩٩)
كثير ممن ابتلي بسماع الأغاني حتى لو كان ممن يخادع نفسه بأنها "حلال" تجد عنده ما يدل على أنه يراها من الخبائث في قرارة نفسه، فتراه يتحرى عدم تشغيلها أوقات الآذان، وحتى أني أعرف أحدهم عنده عود، ولكنه في رمضان يعتزله ولا يعزف عليه، ويكأن الطيبات تحرُم طيلَة شهرِ رمضان! فهذا إقرار ضمني بأنها من الخبائث، ثم تجد بعضهم ينافح عن كونها حلالًا مع فعله لما سبق ذكره.

ويعرف كذلك في قرارة نفسه أنه لا يتحمل أن يجلس ويستمع للقرآن بصوت ليس فيه تلحين مشابه للأغاني، ولا يتنعم بالتدبر في كتاب الله وتعقُّلِ معانيه، نسأل الله السلامة والعافية، حتى لو كابر وقال لك لا أنا أقرأ القرآن والخ..، يستحيل ألا يجد في نفسه شيئا من هذا!

ويرحم الله الإمام ابنَ قيم الجوزية إذ يقول:

حُبُّ الكِتَابِ وَحُبُّ ألحَانِ الغِنَا ...
فِي قَلْبِ عَبْدٍ لَيْسَ يَجْتَمِعَانِ

ثَقُلَ الكِتَابُ عَلَيْهِمُ لَمَّا رَأَوْا ...
تَقييدَهُ بِشَرَائِعِ الإِيمَانِ

وَاللَّهْوُ خَفَّ عَلَيْهِمُ لَمَّا رَأَوْا ...
مَا فِيهِ مِنْ طَرَبٍ وَمِنْ ألحَانِ

قُوتُ النُّفُوسِ وَإنَّمَا القُرْآنُ قُو ...
تُ القَلْبِ أنَّى يَسْتَوِي القُوتَانِ!

وَلِذَا تَرَاهُ حَظَّ ذِي النُّقْصَانِ كَالْـ ...
ـجُهَّالِ والصِّبْيَانِ والنِّسْوَانِ

وَأَلَذُّهُمْ فِيهِ أَقَلُّهُمُ مِنَ الْـ ...
ـعَقْلِ الصَّحِيحِ فَسَلْ أَخَا العِرْفَانِ

يَا لَذَّةَ الفُسَّاقِ لَسْتِ كَلَذَّةِ الْـ ...
أبْرارِ فِي عَقْلٍ وَلَا قُرْآنِ

وقد قال ابن مسعود رضي الله عنه:
الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.

قال #ابن_القيم رحمه الله في مدارج السالكين:

وهذا كلام عارف بأثر الغناء وثمرته فإنه ما اعتاده أحد إلا نافق قلبه وهو لا يشعر ، ولو عرف حقيقة النفاق وغايته لأبصره في قلبه ، فإنه ما اجتمع في قلب عبد قط محبة الغناء ومحبة القرآن إلا طردت إحداهما الأخرى ، وقد شاهدنا نحن وغيرنا ثقل القرآن على أهل الغناء وسماعه ، وتبرمهم به ، وصياحهم بالقارئ إذا طول عليهم ، وعدم انتفاع قلوبهم بما يقرؤه ، فلا تتحرك ولا تطرب ، ولا تهيج منها بواعث الطلب ، فإذا جاء قرآن الشيطان فلا إله إلا الله ، كيف تخشع منهم الأصوات ، وتهدأ الحركات ، وتسكن القلوب وتطمئن ، ويقع البكاء والوجد ، والحركة الظاهرة والباطنة ، والسماحة بالأثمان والثياب ، وطيب السهر ، وتمني طول الليل ، فإن لم يكن هذا نفاقا فهو آخية النفاق وأساسه!.
Forwarded from ___
و القرآن شفاء للنوعين...

#بطاقات #ابن_القيم #القرآن
#نبذة_عن_أسماء_الله_وصفاته

(وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (هود:90)

قال #ابن_جرير_الطبري في تفسيره:
ذو محبة لمن أناب وتاب إليه، يودُّه ويحبُّه.

قال #ابن_القيم رحمه الله:

قلت: الوَدُود من صفات الله عز وجل، أصله من المَوَدَّة، واختُلِفَ فيه على قولين:
فقيل: هو وَدودٌ بمعنى وادٍّ..... وقيل: بل هو بمعنى مَوْدُود وهو الحبيبُ......

والأوَّل أظهرُ؛ لاقترانه بالغفور في قوله: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج/١٤]، وبالرحيم في قوله: ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ [هود/٩٠]، وفيه سرٌّ لطيف، وهو: أنَّه يحبُّ عبدَه بعد المغفرة، فيغفرُ له ويحبُّه، كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ﴾ [البقرة/٢٢٢]، فالتائب حبيبُ الله. فالودُّ: أصفى الحبِّ وألطفُه.

- روضة المحبين ونزهة المشتاقين
هذا، وإن القرآن وحده - لمن جعل الله له نورًا - أعظم آيةٍ ودليلٍ وبرهانٍ على هذه المطالب (إثبات صحة الرسالة وما تضمنتها)، وليس في الأدلة أقوى ولا أظهر ولا أصح دلالة منه من وجوهٍ متعددةٍ جدًّا. كيف وقد أرشد ذوي العقول والألباب فيه إلى أدلة هي للعقل مثل ضوء الشمس للبصر، لا يلحقها إشكال، ولا يغبِّر في وجه دلالتها إجمال، ولا يعارضها تجويز واحتمال، تلج الأسماع بلا استئذان، وتحل من العقول محل الماء الزُّلال من الصادي الظمآن، فضلها على أدلة أهل العقول والكلام كفضل الله على الأنام، لا يمكن أحدًا أن يقدح فيها قدحًا يوقع في اللبس إلَّا إن أمكنه أن يقدح بالظهيرة صحوًا في طلوع الشمس.

ومن عجيب شأنها أنها تستلزم المدلول استلزامًا بينًا، وتُنبِّه على جواب المعترض تنبيهًا لطيفًا، ففيها إقامة الدلالة، والجواب عن المعارضة والشُّبهة. وهذا الأمر إنما هو لمن نوَّر الله بصيرته، وفتح عين قلبه لأدلة القرآن، وآتاه فهمًا في كتابه، فلا يعجب من منكرٍ أو معترضٍ أو معارضٍ.

وَقُلْ لِلْعُيُونِ الْعُمْيِ لِلشَّمْسِ أَعْيُنٌ ... سِوَاكِ تَرَاهَا فِي مَغِيبٍ وَمَطْلَعِ
وَسَامِحْ نُفُوسًا أَطْفَأَ اللهُ نُورَهَا ... بِأَهْوَائِهَا لَا تَسْتَفِيقُ وَلَا تَعِي

- الإمام #ابن_القيم، كتاب الصواعق المرسلة (801/2 - 803) ط دار عطاءات العلم
أبو محمد الحنبلي
Voice message
إذا عزم العبدُ على السفر إلى الله تعالى وإرادته عرضَتْ له الخوادع والقواطع، فينخدع أولًا بالشهوات والرئاسات والملاذِّ والمناكح والملابس. فإن وقف معها انقطع، وإن رفضها ولم يقف معها وصدق في طلبه ابتُلِي بوطء عقبه وتقبيل يده والتوسعة له في المجلس والإشارة إليه بالدعاء ورجاء بركته ونحو ذلك. فإن وقف معه انقطعَ به عن الله وكان حظّه منه، وإن قطعهُ ولم يقفْ معه ابتُلِي بالكرامات والكشوفات. فإن وقف معها انقطع بها عن الله وكانت حظه، وإن لم يقف معها ابتلي بالتجريد والتخلي ولذة الجمعية وعزة الموحدة والفراغ من الدنيا. فإن وقف مع ذلك انقطع به عن المقصود، وإن لم يقف معه وسار ناظرًا إلى مراد الله منه وما يحبه منه؛ بحيث يكون عبده الموقوف على محابِّه ومراضيه أين كانت وكيف كانت؛ تعبَ بها أو استراح، تنعَّم أو تألم، أخرجتْه إلى الناس أو عزلتْه عنهم، لا يختار لنفسه غيرَ ما يختاره له وليُّه وسيدُه، واقفٌ مع أمره ينفذه بحسب الإمكان، ونفسه عنده أهونُ عليه أن يُقدِّم راحتَها ولذَّتها على مرضاة سيده وأمرِه؛ فهذا هو العبد الذي قد وصل ونفذ ولم يقطعه عن سيده شيءٌ البتة. وبالله التوفيق.

- الفوائد للإمام #ابن_القيم رحمه الله (1/251)


نصيحة جميلة جدا، ومهمة جدا كذلك، والوقوف والسير المذكوران هما في الصراط المستقيم.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
قال #ابن_القيم رحمه الله:

ثم نبغت نابغةٌ منهم في رأس القرن الثَّامن، فأقام الله لدينه شيخ الإسلام أبا العباس ابن تيميَّة - قدَّس الله روحه - فأقام على غزوهم مدة حياته، باليد والقلب واللسان، وكشف للناس باطلهم، وبيَّن تلبيسهم وتدليسهم، وقابلهم بصريح المعقول، وصحيح المنقول، وشفى واشتفى. وبيَّن مناقضتهم ومفارقتهم لحكم العقل، الذي به يُدِلُّون، وإليه يدعون، وأنهم أترك النَّاس لأحكامه وقضاياه، فلا وحي ولا عقل، فأرداهم في حُفَرهم، ورشقهم بسهامهم. وبيَّن أن صحيح معقولاتهم خَدَمٌ لنصوص الأنبياء، شاهدة لها بالصحة. وتفصيل هذه الجملة موجودة في كتبه، فمن نصح نفسه ورغب عن قوله: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثارِهِم مُّقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢] يتبيَّن له حقيقة الأمر: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اِللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾ [النور: ٣٩].
والمقصود أن كل بليةٍ طرقت العالم عامَّةً أو خاصَّةً فأصلها من معارضة الوحي بالعقل، وتقديم الهوى على الأمر، والمعصوم من عصمه الله.

- الصواعق المرسلة (2/700) طـ عطاءات العلم

وهذه أبيات له من النونية في مدحه رحمه الله
فَلَمّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ ﷺ اسْتَجابَ لَهُ ولِخُلَفائِهِ بَعْدَهُ أكْثَرُ أهْلِ الأدْيانِ طَوْعًا واخْتِيارًا، ولَمْ يُكْرِهْ أحَدًا قَطُّ عَلى الدِّينِ، وإنَّما كانَ يُقاتِلُ مَن يُحارِبُهُ ويُقاتِلُهُ، وأمّا مَن سالَمَهُ وهادَنَهُ فَلَمْ يُقاتِلْهُ ولَمْ يُكْرِهْهُ عَلى الدُّخُولِ في دِينِهِ امْتِثالًا لِأمْرِ رَبِّهِ سُبْحانَهُ وتَعالى حَيْثُ يَقُولُ: ﴿لا إكْراهَ في الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾

وَهَذا نَفْيٌ في مَعْنى النَّهْيِ، أيْ لا تُكْرِهُوا أحَدًا عَلى الدِّينِ، نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ في رِجالٍ مِنَ الصَّحابَةِ كانَ لَهم أوْلادٌ، قَدْ تَهَوَّدُوا وتَنَصَّرُوا قَبْلَ الإسْلامِ، فَلَمّا جاءَ الإسْلامُ أسْلَمَ الآباءُ وأرادُوا إكْراهَ الأوْلادِ عَلى الدِّينِ، فَنَهاهُمُ اللَّهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ ذَلِكَ حَتّى يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يَخْتارُونَ الدُّخُولَ في الإسْلامِ.

والصَّحِيحُ: الآيَةُ عَلى عُمُومِها في حَقِّ كُلِّ كافِرٍ، وهَذا ظاهِرٌ عَلى قَوْلِ مَن يُجَوِّزُ أخْذَ الجِزْيَةِ مِن جَمِيعِ الكُفّارِ، فَلا يُكْرَهُونَ عَلى الدُّخُولِ في الدِّينِ، بَلْ إمّا أنْ يَدْخُلُوا في الدِّينِ، وإمّا أنْ يُعْطُوا الجِزْيَةَ، كَما تَقُولُهُ أهْلُ العِراقِ، وأهْلُ المَدِينَةِ، وإنِ اسْتَثْنى هَؤُلاءِ بَعْضَ عَبْدَةِ الأوْثانِ.

وَمَن تَأمَّلَ سِيرَةَ النَّبِيِّ ﷺ تَبَيَّنَ لَهُ أنَّهُ لَمْ يُكْرِهْ أحَدًا عَلى دِينِهِ قَطُّ، وأنَّهُ إنَّما قاتَلَ مَن قاتَلَهُ، وأمّا مَن هادَنَهُ فَلَمْ يُقاتِلْهُ ما دامَ مُقِيمًا عَلى هُدْنَتِهِ، لَمْ يَنْقُضْ عَهْدَهُ، بَلْ أمَرَهُ اللَّهُ تَعالى أنْ يَفِيَ لَهم بِعَهْدِهِمْ ما اسْتَقامُوا لَهُ، كَما قالَ تَعالى: ﴿فَما اسْتَقامُوا لَكم فاسْتَقِيمُوا لَهُمْ﴾.

فَلَمّا قَدِمَ المَدِينَةَ صالَحَ اليَهُودَ وأقَرَّهم عَلى دِينِهِمْ، فَلَمّا حارَبُوهُ ونَقَضُوا عَهْدَهُ وبَدَءُوهُ بِالقِتالِ قاتَلَهُمْ، فَمَنَّ عَلى بَعْضِهِمْ، وأجْلى بَعْضَهُمْ، وقاتَلَ بَعْضَهم.

وَكَذَلِكَ لَمّا هادَنَ قُرَيْشًا عَشْرَ سِنِينَ لَمْ يَبْدَأْهم بِقِتالٍ حَتّى بَدَءُوا هم بِقِتالِهِ ونَقْضِ عَهْدِهِ، فَحِينَئِذٍ غَزاهم في دِيارِهِمْ، وكانُوا هم يَغْزُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كَما قَصَدُوهُ يَوْمَ الخَنْدَقِ، ويَوْمَ بَدْرٍ أيْضًا هم جاءُوا لِقِتالِهِ ولَوِ انْصَرَفُوا عَنْهُ لَمْ يُقاتِلْهم.

- #ابن_القيم
ومن أسمائه جلّ جلاله : الحليم.

هو الذي لا يُعجل العقوبة على عباده مع قدرته على عقابهم، بل يصفح عنهم ويغفر لهم إذا استغفروه

قال #ابن_القيم رحمه الله:
وهو الحليم فلا يعاجل عبده
بعقوبة ليتوب من عصيان

قال الطبري في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾: «يعني: أنه ذو أناة، لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم».

وقال في قوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا﴾: «إن الله كان حليمًا لا يعجل على خلقه الذين يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء المشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بالعقوبة».


#نبذة_عن_أسماء_الله_وصفاته